Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
خپرندوی
دار الفكر العربي
د خپرونکي ځای
القاهرة
٤٢ - نشأ ابن حزم في وسط ذلك البحر اللجي من الدماء، وقد كان قوي النزعة كما سنرى، وكان وفيًا لهذا البيت وقد رأى آل ذلك البيت يتناحرون ويأكل بعضهم بعضًا، فارتضى لنفسه، وهو في ميعة الصبا ما ارتضاه أبوه لنفسه من قبل ذلك بأن يكف عن نصرة فريق على فريق، فزاد ذلك من انصرافه للعلم. وتمسكه به مع طول الحسرة. بل إنه في سبيل هذا الهدوء اضطر للخروج من قرطبة التي استمر إزعاج البرابرة لها وأصبحت مسترادًا ومذهبًا لخيل البربر والنصارى تعيث فيها فسادًا وتموج بالشر فتركها إلى المرية في سنة ٤٠٤ وقد عكف على القراءة والدراسة والتلقي. وملازمة الشيوخ الذين لم يجدوا هدوءًا في قرطبة فغادروها مضطرين طالبين الهدوء في غيرها. وكان في العلم عزاء لنفس مثل نفس ابن حزم الذي نشأ في النعيم.
ولكنه لم يترك في هدوئه معتزلا السياسة بل عازفًا عنها وعن أهلها ملازمًا العلم فإن الاضطرابات المستمرة في الأندلس عامة وقرطبة خاصة انتهت باستيلاء آل حمود عليها. وأولئك عاويون كان لهم سلطان في سبتة بالمغرب وبين البيت العلوي والبيت الأموي ما بينهما جاهلية وإسلامًا والآن قد استولى البيت العلوي على قرطبة وما حولها. وصار له سلطان في الأندلس فلا بد أن يتتبع الأمويين ومن ينتمي إليهم وابن حزم هو وأسرته من مواليهم ولهم حظوة عندهم وكان أبوه من الوزراء ذوي السلطان في دولتهم. أو دولة أتباعهم ولذلك اتهمه خيران والي المرية من قبل الحموديين سنة ٤٠٧ بالعمل للبيت الأموي لإعادة السلطان إليه، ولنترك ابن حزم يحكي لنا ذلك بقلمه، فقد قال:
((وظهرت دولة الطالبية وبويع ابن حمود الحسني المسمى بالناصر - بالخلافة وتغلب على قرطبة. وتملكها، واستمر في قتاله بجيوش المتغلبين والثوار في أقطار الأندلس. وفي إثر ذلك نكبني خيران صاحب المرية إذ. نقل إليه من لم يتق الله عز وجل من الباغين - وقد انتقم الله منهم - عني وعن محمد بن إسحاق صاحبي أنا نسعى في القيام بدعوة الدولة الأموية فاعتقلنا عند نفسه شهرًا، ثم أخرجنا على جهة التغريب، فصرنا إلى حصن القصر،
38