Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
خپرندوی
دار الفكر العربي
د خپرونکي ځای
القاهرة
النفس العاشقة ، وما يثير فيها عوامل الصبابة والهوى، وقد استمد ذلك مما درس بالتجربة والعيان، لا بالظن والتخيل، فلم يلجأ إلى بطون الكتب يستخرج دفائها. وإنما جأ إلى الحس مع العلم يستقرى ما يسجله ويثبته في وقائع هذا الوجود، وقد سهل له ذلك أنه كان يعيش في صدر حياته في بيت فاكه في النعيم؛ تغدو وتروح في أبهائه الجوارى الحسان، فاستطاع أن يختبر نفسه، ويحصى عمل غيره، ودون ذلك في عبارات كأنها النمير العذب يجري في الجداول والرياض.
٦ - هذا عرض لمظاهر مختلفة لحياة ذلك العالم النابغة، وهي وإن كانت مظاهر جلية تتبدى للقارئ في كل صفحة من آثاره وكل رسالة من رسائله، قد انبعثت عن شخصية تعددت نواحيها، وتباينت اتجاهاتها، وكل صفحة من صفحات كتبه تكشف عن جانب من جوانب نفسه.
فحياته الشخصية ليست ساذجة كحياة من درسنا من الأئمة الذين درسنا حياتهم، فحياتهم رضى الله عنهم نمط فكري واحد، وإن كانت لهم آراء في نواح غير الفقه، فهي على هامش تفكيرهم، وليست في صميم اتجاههم، أما ابن حزم فطراز آخر، فأنت تجده في الأدب ناثراً فنياً ممتازاً لا يقل عن أي كاتب من كتاب عصره وبلده، وربما امتاز عليهم بجودة الفكرة مع جزالة الديباجة، وجمال الصورة البيانية، وهو فوق ذلك السياسي الذي نشأ في بيت الوزارة، وكان له هو شأن في الوزارة، ثم هو المحدث والفقيه والمؤرخ، وكل تلك نواح في صميم نفسه، وإن كانت المقادير مختلفة وهي متمازجة، تعاونت فكونت تلك الشخصية العبقرية.
فلا بد عند دراسة حياته من بيان العوامل المؤثرة التي وجهته إلى تلك النواحي المتشعبة المتلاقية، وتلك الاتجاهات المختلفة غير العادية، وأحياناً يكون مظهرها مختلفاً متضارباً وعند الفحص نجد المجرى متحداً في المنبع، وإن اختلف المصب إلى شعب، وقد يكون بعضها كدراً، وبعضها رائقاً صافياً بحسب ما صادف كل شعبة في اتجاهها.
٧ - ولقد يبدو بادى الرأي وجه التخالف بين مظهرين وجدناهما في
10