26

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

خپرندوی

دار الفكر العربي

د خپرونکي ځای

القاهرة

كدى وإعمال ذهنى مذ أول فهمى، وأنا فى سن الطفولة جداً، إلا تعرف أسبابهن، والبحث عن أخبارهن، وتحصيل ذلك، وأنا لا أنسى شيئاً مما أراه منهن، وأصل ذلك غيرة شديدة طبعت عليها، وسوء ظن فى جهتهن. فطرت به، فأشرفت من أسبابهن على غير قليل)).(١).

٢٦ - سقنا هذا الكلام الذى سجله ابن حزم فى تلك الرسالة الخريدة الفريدة فى بابها، لأنه يبين لنا نشأته الأولى، وأنه تربى فى أحضان النساء تربيته الأولى، فأرهفن حسه، وأنه فى نشأته الأولى تعلم الكتابة، وتدرب على الخط، ليكون خطه جيداً. وأنه حفظ أشعاراً كثيرة، وأن النساء هن اللائى تولين تلقينه ذلك كله، وقد قال إنهن علمنه القرآن، ولم يقل إنهن حفظنه، لأنه يظهر أنهن كن يحفظنه، ويشرحن له بعض ما اشتمل عليه من قصص وأخبار. وشىء آخر تنبىء عنه هذه الكلمة، وهو أنه مفطور على سوء الظن، هذا يفسر لنا ابن حزم فى قابل حياته، ولعله السبب فى النفرة التى كانت مستحكمة بينه وبين كثير من علماء عصره، وأنه كان يسارع إلى اتهام نيات من يخالفه، ويصكه بالقول العنيف صك الجندل بل إن ذلك الظن السيئ بالناس هو الذى جذبه من السياسة ولأوائها إلى العلم وهدأته، فإنه نفر من خلطة الناس إلى الأنس بالكتب. ووجد فى الكتاب الأنيس الذى لا يرتاب فيه، والصديق الذى لا يشك فى صدق مودته.

٢٧ - تعلم ابن حزم تعلمه الأول بين النساء. ولكن أباه الذى كان قائماً على تربيته معنياً به العناية كلها كان لا ينى عن مراقبته وملاحظة ميوله واتجاهاته، ولقد حكى هو تلك المراقبة وأنها كانت سبب عفته مع ملازمته للنساء والعيش الرافغ وحياة النعيم، قال:

« كان السبب فيما ذكرته أنى كنت وقت تأجج نار الصبا وشرة الحداثة وتمكن غرارة الفتوة مقصوراً محظراً على بين رقباء ورقائب، فلما ملكت نفسى وعقلت صحبت أبا الحسين بن على الفارسى فى مجلس أبى القاسم

(١) طوق الحمامة م ٥٠ طبع القاهرة.

26