Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
علم أحمد
٧٨ - ذاع علم أحمد، واشتهر وتحدث الناس بذلك، وهو حي يرزق، بل إن علمه بالحديث والأثر، ذاع، وهو لا زال شابا يتلقى العلم، ويأخذ عن الشيوخ، حتى إن أحمد بن سعيد الرازي قال فيه، وهو شاب: «ما رأيت أسود الرأس أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم بفقه من أحمد بن حنبل»، ويقول له شيخه الشافعي: «أنت أعلم بالأخبار الصحاح منا، فإذا كان خبر صحيح، فأعلمني، حتى أذهب إليه، كوفيا كان أو مصريا أو شاميا».
ولقد روى المزني أن الشافعي قال: «ثلاثة من عجائب الزمان: عربي لا يعرب كلمة، وهو أبو ثور، وأعجمي لا يخطئ في كلمة، وهو الحسن الزعفراني، وصغير كلما قال شيئا صدقه الكبار، وهو أحمد بن حنبل»، ويروي حرملة بن يحيى تلميذ الشافعي أنه قال: خرجت من بغداد، وما خلفت بها أحدا أورع، ولا أتقى، ولا أفقه من أحمد بن حنبل».
ولقد وصفه الشافعي بالعقل مع علم الرواية والفقه، فقد قال فيه كما روى تلميذه محمد ابن الصباح: «ما رأيت أعقل من أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي».
هذه كلمات الشافعي، وهو العالم الأريب في أحمد الشاب، ولا شك أنه بعد أن تقدمت سنه، وهو لم ينقطع عن طلب الفقه والحديث يوما، قد نما علمه وعقله، وذاع اسمه وذكره، وخصوصاً بعد أن ابتلي، فأحسن البلاء، وصبر الصبر الجميل، ولم يكن ولم يشك إلى أحد من خلق الله أذى الإنسان، ولننقل بعضا قليلا من شهادة معاصريه فيه.
فقد قال علي بن المديني معاصره: «ليس فينا أحفظ من أبي عبد الله أحمد بن حنبل»، ويقول فيه: «أعرف أبا عبد الله منذ خمسين سنة، وهو يزداد خيرا».
ويقول قرينه ومعاصره القاسم بن سلام: «انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وأبي بكر بن شيبة، وأحمد أفقههم فيه»، ويقول فيه: «ما رأيت رجلا أعلم بالسنة منه».
80