151

Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

الاختيار للأمة عند مرته ، ولم يقصد بذلك هوى. وبعد سرد الطرق المختلفة يعلن اختياره لهذه الطريقة، فيقول: "وأفضلها وأصحها أن يعهد الإمام إلى إنسان يختاره إمامًا بعد موته، وسواء فعل ذلك في صحته أو في مرضه وعند موته، إذ لا نص ولا إجماع على المنع من أحد هذه الوجوه، كما فعل رسول الله ﷺ بأبي بكر، وكما فعل أبو بكر بعمر، وكما فعل سليمان بن عبد الملك بعمر بن عبد العزيز، وهذا الوجه نختاره ونكره غيره". ويقول: "إن مات الإمام، ولم يعهد إلى أحد يبادر رجل يستحق الإمامة فيدعو إلى نفسه، كما فعل علي رضي الله عنه، إذ قتل عثمان، وكما فعل ابن الزبير))

٣١- وإذا كان أحمد يقر ذلك الطريق الذي سلكه أبو بكر رضي الله عنه، بل نرجح أنه يختاره عند سلامة الخليفة الذي يعهد إلى غيره من الهوى، فإنه يقر أخذ الخلافة بالتغلب إن أطاعه الناس ورضوا به، وهو في هذا يسلك مسلك شيخه الشافعي، في اعتبار إمامة المتغلب، ويسلك مسلك مالك في اعتباره إمامة الفضول.

ولننقل العبارات الدالات على ما نقول من كلامه، فقد قال في إحدى رسائله رضي الله عنه:

((السمع والطاعة للأئمة، وأمير المؤمنين، البر والفاجر، ومن ولى الخلافة، فاجتمع الناس عليه، ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة، وسمى أمير المؤمنين، والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة، البر والفاجر، وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض، ليس لأحد أن يطعن عليهم، ولا ينازعهم، ودفع الصدقات إليهم جائز نافذ، من دفعها إليهم أجزأت عنه، برا كان أو فاجرا. وصلاة الجمعة خلفه، وخلف كل من ولى، جائزة إمامته، ومن أعادها، فهو مبتدع تارك للآثار، مخالف للسنة، ليس له من فضل الجمعة شيء إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة من كانوا برهم وفاجرهم، فالسنة أن تصلي معهم ركعتين، وتدين بأنها تامة، لا يكن في صدرك شك. ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين، وقد كان الناس اجتمعوا عليه، وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة، فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله - فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية"(١)

(١) المناقب لابن الجوزي ص ١٧٦

150