Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
بالأحاديث الواردة في الأبواب الفقهية المختلفة، ودراستها دراسة مقارنة في إسنادها وفيما يستنبط منها، والموازنة بينها من حيث القوة في حال تعارضها، وتعرف الناسخ من المنسوخ، وهكذا.
ولا شك أن الدراسة الفقهية عند محاجزة الأقاليم دون تبادل الروايات المختلفة دراسة لا تخلو من نقص كان يكملها القياس، والاستنباط، أما بعد أن تلاقت المرويات المختلفة، فهي دراسة صحيحة كاملة لفقه الحديث، وما يستنبط منه.
ولقد جاء أحمد في ذلك الميدان، فكان السابق، وكان المجاهد، وكان الحافظ، ولعل مسنده أول جامع لأحاديث الأمصار، حتى صار إمامًا، كما توقع له أحمد، ولذلك فضل بيان نرجئه إلى مقامه من البيان والشرح.
١١٧ - ولم يكن نضج السنة فقط في الجمع بين أحاديث الأمصار، بل كان في الدراسة، وقد ابتدأ مالك بفحص الرجال الذين يروي عنهم خص الصير في الماهر للدراهم، ثم بنقد الأحاديث بعرضها على الكتاب والمشهور من السنة، وجاء الشافعي فدرس الأحاديث المتصلة، والمرسلة، والمنقطعة، وقوة كل منها في الاستدلال، ومراتبها وما يقبل منها عند التعارض، وما يرد، ثم سادت في العصر دراسة السند كاملاً من الراوي إلى الرسول ﷺ، ولم تكن العناية في عصر أبي حنيفة ومالك وغيرهما من كانوا على قرب من التابعين إلا بمن يتلقون عنه، فلا يهم مالكًا إلا من ينقل إليه، لأن كثيرين كانوا من التابعين، ولذلك كانوا يقبلون المرسلات من الأحاديث، لأن العبرة عندهم بمن نقل إليهم، والعهد كان قريبًا من التابعين، ولكن لما بعد العهد، وطال السند في عصر الشافعي، ومن جاء بعده، عنى العلماء بدراسة السند من حيث علوه، ونزوله، ومن حيث اتصاله، وانقطاعه، وعنوا بدراسة كل رجال السند، لأن الحاجة كانت شديدة، لكي تعرف العدالة في كل رجاله إلى أن يصلوا إلى عصر الصحابة رضوان الله سبحانه وتعالى عليهم، لكي تطمئن النفس إلى الرواية، ويكون المروي حجة في العمل ملزمة
جاء أحمد في ذلك العصر الذي نضجت فيه السنة ذلك النضج، فأوفى في دراسة السنة على الغاية، وكان حريصًا كل الحرص على طلب السند والعلة، لا يأخذ الحديث
111