واحترز أحبار الكنيسة من دعوى كل مدع ينسب إلى نفسه القدرة على مخاطبة الملائكة واستيحاء الغيب، فعم التحريم كل عزيمة من عزائم السحر وما إليه، وكان القانون يعاقب على جريمة السحر بالموت إذا ثبت أن الساحر استخدم طلاسم لإهلاك المسحور، ثم صدر في إنجلترا قانون معدل له (سنة 1603) يقضي بالموت على كل من يثبت عليه تعاطي السحر، ولو للعلاج وشفاء الأمراض؛ لأنه محالفة مع الشيطان، وكل محالفة مع الشيطان خيانة لله.
وكانت إنجلترا مع هذه معدودة من البلاد التي لا تخضع كل الخضوع للسيطرة الكهنوتية، ولم تعمل محاكم التفتيش فيها كما كانت تعمل في القارة الأوروبية، حيث أحرقت النساء عقابا على السحر، وأحرق الأطفال؛ لأنهم من ولد الشياطين، وصدرت آخر هذه الأحكام في منتصف القرن الثامن عشر، وكان بعضها مما صدر في الولايات المتحدة.
وانتهى القرن الثامن عشر والرأي الغالب على أهل الغرب أن السحرة جميعا حلفاء الشيطان، وأن من السحرة كل من يروض الطبيعة بعلم غير العلوم التي يقرها الدينيون.
الفصل الخامس
الشيطان والفنون
قال أبو العلاء:
وقد كان أرباب الفصاحة كلما
رأوا حسنا عدوه من صنعة الجن
وربما كان أبو العلاء يخص العرب دون غيرهم بهذا القول، ولكنه في الواقع قول يعم جميع الأقوام، ويعم جميع أنواع الإحسان في الكلام وفي غير الكلام.
فالعبقرية عند الأوروبيين منسوبة إلى الجن، ومعنى العبقري عندهم أنه صاحب الجنة، أو الشبه بالجنة في القدرة والتفوق، كائنا ما كان العمل الذي يتفوق فيه، وكلمة «جينياس» “Ginius”
ناپیژندل شوی مخ