11

Ibhaj al-Mu'minin bi Sharh Minhaj al-Salikin wa Tawdhih al-Fiqh fi al-Din

إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين

ایډیټر

أبو أنيس على بن حسين أبو لوز

خپرندوی

دار الوطن

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۲۲ ه.ق

د خپرونکي ځای

الرياض

ولا عبرة بمن أعرض عن تعلم العلم الشرعي الذي هو ميراث نبينا ﷺ وادعى أنه قد تغير وقته، وأنه إنما يناسب أولئك البدائيين الذين يسكنون في بيوت الطين والشعر، ويسافرون على الإِبل والحُمر والسفن، ويعيب الاشتغال بعلم العلماء الربانيين بأنه رجعي متأخر، ولاشك أن هؤلاء لم يفقهوا عن الله تعالى شرعه و دينه، ولم يقدروه حق قدره، فالله سبحانه عالم بكل ما حدث وتجدد قبل أن توجد أسبابه، وهو خالق كل شيء، فهو الذي وضع لعباده هذه الشريعة الغراء، وضمنها ما يحتاج إليه البشر أولهم وآخرهم، فلا يمكن أن تكون صلاحيتها مؤقتة بزمان، ولا خاصة ببلاد أو دولة معينة، فمن أعمل فكره فيها عرف اشتمال هذه الأوامر والنواهي على كل ما فيه المصلحة المحققة، وعلى كل ما يحتاج إليه البشر في هذه الحياة، فإن الله سبحانه هو أعلم بمصالح العباد في جميع أمورهم، ما يختص بالدين، وما يتعلق بالدنيا، فما حرم عليهم من المكاسب والحرف إلا ما فيه المضرة والفساد، وقد أباح لهم أنواع الحرف والصناعات والأعمال المتنوعة التي يكسبون من ورائها مالاً مباحًا لا شبهة فيه.

فدخل في ذلك علوم الهندسة والكيمياء والفيزياء ونحوها إذا لم تتعارض مع علم العقيدة وأصول الإِيمان، وكان في تعلمها طريق إلى اكتساب المال بوجه مباح، ولم يشغل عن العلم الصحيح الذي يعرف به العبد ما أوجبه عليه ربه وما حرمه عليه، ولم يشغل عن القربات والأعمال الصالحة التي ترغب في الدار الآخرة وتقرب إلى رضى الرب سبحانه.

فليست هذه الصناعات والحرف وليدة هذا الزمان، فقد تكلم فيها السابقون، وشرحوا وسائلها، وتعلموا أسبابها، لكن التطبيق الكامل إنما توفر في هذه القرون المتأخرة، ومع ذلك لا ينبغي ولا يجوز اعتقاد أنه يغير

11