قال الشيخ رضي الله عنه فإن قال قائل قد رويت هذه الأحاديث في الإمساك عن الكلام في القدر والنظر فيه ومع هذا فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعن جماعة من التابعين وفقهاء المسلمين أنهم تكلموا فيه وفسروا آيات من القرآن يدل ظاهرها وتفسيرها على العلم بالقدر وقد رأينا جماعة من العلماء ألفوا فيه كتبا وصنفوه أبوابا
ورووا أيضا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعلموا من القدر ما لا تضلون وهذا مخالف لقوله إذا ذكر القدر فأمسكوا فإني أرجع إليه بجواب ما سال عنه من ذلك بأن أقول له اعلم رحمك الله أن كلا الوجهين صحيحان وكلا الأمرين واجب القبول لهما والعمل بهما وذلك أن القدر على وجهين وأمر النجوم على وجهين وأمر الصحابة على وجهين
فأما أمر النجوم
فأحدهما واجب علمه والعمل به فاما ما يجب علمه والعمل به فهو أن يتعلم من النجوم ما يهتدي به في ظلمات البر والبحر ويعرف به القبلة والصلاة والطرقات فبهذا العلم من النجوم نطق الكتاب ومضت السنة
وأما ما لا يجوز النظر فيه والتصديق به ويجب علينا الإمساك عنه من علم النجوم فهو أن لا يحكم للنجوم بفعل ولا يقضي لها بحدوث أمره كما يدعي الجاهلون من علم الغيوب بعلم النجوم ولا قوة إلا بالله
وكذلك امر الصحابة رحمة الله عليهم فأمرهم على وجهين
مخ ۲۴۴