مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو ثَوْر وَقَالَ الثَّوْريّ وَأهل الْكُوفَة الْإِيلَاء أَن يحلف على أَرْبَعَة أشهر فَصَاعِدا وَقَالَ أبن عَبَّاس لَا يكون مؤليا حَتَّى يحلف أَن لَا يَمَسهَا أبدا وَلَفظ من نِسَائِهِم يَشْمَل الْحَرَائِر وَالْإِمَاء إِذا كن زَوْجَات وَكَذَلِكَ يدْخل تَحت قَوْله يؤلون العَبْد إِذا حلف من زَوجته قَالَ أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر إيلاؤه كَالْحرِّ وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة إِن أَجله شَهْرَان وَقَالَ الشّعبِيّ إِيلَاء الْأمة نصف إِيلَاء الْحرَّة
والتربص التأني والتأخر وَإِنَّمَا وَقت الله بِهَذِهِ الْمدَّة دفعا للضرار عَن الزَّوْجَة وَقد كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يؤلون السّنة والسنتين وَأكْثر من ذَلِك يقصدون بذلك ضرار النِّسَاء وَقد قيل إِن الْأَرْبَعَة الْأَشْهر هِيَ الَّتِي لَا تطِيق الْمَرْأَة الصَّبْر عَن زَوجهَا زِيَادَة عَلَيْهَا ﴿فَإِن فاؤوا﴾ أَي رجعُوا فِيهَا أَو بعْدهَا عَن الْيَمين إِلَى الْوَطْء وللسلف فِي الْفَيْء أَقْوَال هَذَا أولاها لُغَة وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الرُّجُوع إِلَيْهِ ﴿فَإِن الله غَفُور رَحِيم﴾ ﴿وَإِن عزموا الطَّلَاق﴾ فِيهِ دَلِيل على أَنَّهَا لَا تطلق بِمُضِيِّ أَرْبَعَة أشهر كَمَا قَالَ مَالك مَا لم يَقع إنْشَاء تطليق بعد الْمدَّة ﴿فَإِن الله سميع عليم﴾ يَعْنِي لَيْسَ لَهُم بعد تربص مَا ذكر إِلَّا الْفَيْء أَو الطَّلَاق
وَلَا يخفى عَلَيْك أَن أهل كل مَذْهَب قد فسروا هَذِه الأية بِمَا يُطَابق مَذْهَبهم وتكلفوا بِمَا لم يدل عَلَيْهِ اللَّفْظ وَلَا دَلِيل آخر وَمَعْنَاهَا ظَاهر وَاضح وَهُوَ أَن الله جعل الْأَجَل لمن يؤلي أَي يحلف من امْرَأَته أَرْبَعَة أشهر ثمَّ قَالَ فَإِن فاؤوا أَي رجعُوا إِلَى بَقَاء الزَّوْجَة واستدامة النِّكَاح فَإِن الله لَا يؤاخذهم بِتِلْكَ الْيَمين بل يغْفر لَهُم ويرحمهم وَإِن وَقع الْعَزْم مِنْهُم على الطَّلَاق وَالْقَصْد لَهُ فَإِن الله سميع لذَلِك عليم بِهِ فَهَذَا معنى الْآيَة الَّذِي لَا شكّ فِيهِ وَلَا شُبْهَة فَمن حلف أَن لَا يطَأ امْرَأَته وَلم يُقيد بِمدَّة أَو قيد بِزِيَادَة على أَرْبَعَة أشهر كَانَ علينا إمهاله أَرْبَعَة أشهر فَإِذا مَضَت فَهُوَ بِالْخِيَارِ
1 / 32