بأصل الإيمان ودعائمه، لا أنَّه أفلح كلَّ الفلاح حتَّى يأتي بكلِّ دواعيه، أو يمنَّ الله عليه ويواليه؛ فالفلاح يكون في الدار الآخرة على قدر ما يأخذ العبد في دار الدُّنيا من الأعمال الصالحة، ويجتنب من المعاصي.
وقد قلت: [من الرجز]
أَفْلَحَ مَنْ صَلَّىْ مَعًَا وَصامَا ... وَأَنْفَقَ الزَّكاةَ وَاسْتَقاما
وَأَمَّ بَيْتَ رَبِّهِ الْحَراما ... وَاجْتَنَبَ الشُّبْهَةَ وَالْحَراما
وَصَدَّقَ الْمُهَيْمِنَ السَّلاما ... وَأَخْلَصَ الإِيْمانَ وَالإِسْلاما
وروى الدَّيلمي في "مسند الفردوس" عن أبي الدرداء ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ كانَ سُكُوْتُهُ تَفُكُّرًا، وَنَظَرُهُ اعْتِبارًا، أَفْلَحَ مَنْ وَجَدَ فِيْ صَحِيْفَتِهِ اسْتِغْفارًا كَثِيْرًا" (١).
وروى أبو نعيم عن سفيان الثَّوري: أنَّ رجلًا شكى إليه مظلمة فقال: شكى رجل إلى رسول الله ﷺ مظلمة، فقال ﷺ: "الْمَظْلُوْمُوْنَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ يَوْمَ الْقِيامَةِ" (٢).
(١) رواه الديلمي في "مسند الفردوس" (١٧١٠)، وفيه حبان بن علي، ضعفه النسائي في "الضعفاء والمتروكين" (ص: ٣٥)، وللشطر الثاني من الحديث شاهد من حديث عبد الله بن بسر عند ابن ماجه (٣٨١٩) بلفظ "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا"، حسنه الحافظ ابن حجر في "الأمالي المطلقة" (ص: ٢٤٩).
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٧/ ٦٩).