254

حسن التنبه

حسن التنبه لما ورد في التشبه

پوهندوی

لجنة مختصة من المحققين بإشراف نور الدين طالب

خپرندوی

دار النوادر

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

د خپرونکي ځای

سوريا

ژانرونه

ذاكروهم في هذا الكتاب، على طريقة التنويع في التشريع والإرشاد، والتوسيع في الطرق الموصلة إلى الخير والسداد، وأشارت إلى غَور بعيد من المعرفة، وهو أن الطرق - وإن تعددت - فإنها راجعة إلى طريقة واحدة، وهي طريقته ﷺ، وكان سائر الطرق والشرائع، وجميع السبل والمشارع سواقٍ وجعافر (١)، وأنهار وغدائر، آخذة من البحر المحيط، راجعة إليه، صادرة عنه، واردة عليه، كما قال في البردة: [من البسيط]
وَكُلُّهُمْ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ مُلْتَمِسٌ ... غَرْفًا مِنَ الْبَحْرِ أَوْ رَشْفًا مِنَ الدِّيَمِ
ولا شك أن المتشبه بالأخيار والصالحين مقتبس من أنوارهم، مغترف من فيض بحارهم، ورُبَّ ضعيف يمنعه هول البحار، واختلاف أمواجها من الاستقاء منها، والارتواء من مائها، فإذا ورد ماء السواقي ظفر منها بالريِّ من نبعها، والبَلال من جرعها، ورُبَّ ضعيف عن احتمال أشعة الأنوار المحمديَّة، وشهب الأضواء المصطفويَّة يأتي إليه نصيبه منها على يدي بعض الورثة من العلماء والصلحاء، فلو حجر عليه أن لا يتلقى إلا من قِبَلِهِ ﷺ لضاق به الفضاء، وعاد من البحر المحيط بلا ارتواء.
ونظير ذلك أن الخفاش لضعف بصره لا يبصر في ضوء الشمس والقمر، ويبصر في الأضواء الضعيفة المستمدة من بعض الكواكب، أو

(١) الجعفر: النهر الكبير الواسع.

1 / 143