مجموعة له في حظيرة القدس ؛ تقر بهم عينه ، وينجز لهم وعده». ثم قال (عليه السلام): «ألا ومن كان فينا باذلا مهجته ، موطنا على لقاء الله نفسه ، فليرحل معنا ؛ فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى». قال أهل السير : ولما أراد التوجه إلى العراق طاف بالبيت ، وسعى بين الصفا والمروة ، وأحل من إحرامه وجعلها عمرة مفردة. هذا ولم يرد عليه خبر مسلم بن عقيل ، وشاع خبر سفره إلى العراق عند الخاصة. ذكر ابن الأثير والطبري : إن عبد الله بن عباس أتى الحسين (عليه السلام)، وقال : قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق ، فبين لي ما أنت صانع؟ قال (عليه السلام): «قد أجمعت على السير في أحد يومي هذين إن شاء الله تعالى». فقال ابن عباس : إني أعيذك بالله من ذلك ، وأتخوف عليك من هذا الوجه الهلاك. إن أهل العراق يريدونك كما زعموا ، فلينفوا عدوهم ثم أقدم عليهم ، فإن أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمن ؛ فإن بها حصونا وشعابا ، ولأبيك بها شيعة. فقال له الحسين (عليه السلام): «يابن عم ، إني أعلم أنك ناصح مشفق ، ولكني أزمعت وأجمعت على المسير». قال الراوي : وكرر ابن عباس الدخول عليه مرة ثانية ، وقد رأى الحسين (عليه السلام) عازما على الخروج ، وحققه ، فجعل يناشده في المقام ، ويعظم عليه القول في ذم أهل الكوفة ، وقال له : إنك تأتي قوما قتلوا أباك ، وطعنوا أخاك ، وما أراهم إلا خاذليك. فقال له : «هذه كتبهم معي ، وهذا كتاب مسلم بن عقيل باجتماعهم». فقال له ابن عباس : إن كنت لا بد فاعلا فلا تخرج أحدا من ولدك ، ولا حرمك ، ولا نسائك ؛ فخليق أن تقتل وهم ينظرون إليك كما قتل ابن عفان. فأبى ذلك ولم يقبله. قال : فلما أبى الحسين (عليه السلام) قبول رأي ابن عباس ودعه وانصرف ، ومضى الحسين (عليه السلام) لوجهه. وذكر الطبري عن أبي مخنف : قال أبو جناب يحيى بن أبي حية ، عن عدي بن حرملة الأسدي ، عن عبد الله بن سليم والمنذر بن المشمعل الأسديين ، قالا : خرجنا حاجين من الكوفة حتى قدمنا مكة ، فدخلنا يوم التروية ، فإذا نحن بالحسين (عليه السلام) وعبد الله بن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحى فيما بين الحجر والباب. قالا : فتقربنا منهما ، فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسين (عليه السلام): إن شئت أن تقيم أقمت ، فوليت هذا الأمر ، فآزرناك وساعدناك ، ونصحنا لك وبايعناك. فقال له الحسين (عليه السلام): «إن أبي حدثني أن بها كبشا يستحل حرمتها ، فما أحب أن أكون أنا
مخ ۱۱