﴿فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور﴾.
جعلوا شغلهم الأهم مسألة التفضيل، وصرفوا همهم إلى غير ما أمروا به من القال والقيل، مع أنه مفروغ منه، و﴿تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون﴾. أولئك قوم قد لحقوا بالله، وعرف كل منهم منزلته عند الله، ﴿في مقعد صدق عند مليك مقتدر﴾، ﴿إخوانا على سرر متقابلين﴾، والواجب على من بعدهم لهم ما يجب على الأولاد لآبائهم من البر والإحسان والاستغفار المأمور به بنص القرآن: ﴿والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا﴾. فإنهم آباء أهل الإسلام، إذ هم الذين آووه ونصروه، ثم مهدوه وقرروه، ثم أدوه كما سمعوه، فجزاهم الله عنا أفضل الجزاء. وكل ما ورد من الفضائل في حق علي وغيره فعنهم نقل ومنهم عرف. وكيف ينسب المبتدع نفسه إلى أنه أتقى منهم وأقوم بدين الله وأطوع لله وأعلم بمراد الله، وينسبهم إلى أنهم خالفوا رسول الله فيما سمعوا منه مشافهة وخالفوا الله ورسوله في تقديم مفضول على فاضل والتمادي على الباطل. ﴿فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى﴾.
ثم لم يزل العلماء والأولياء والفقهاء والقراء وغيرهم يتناقلون هذه الأخبار وغيرها مما هو مشهور على مر الأعصار، ويودعونها في تصانيفهم ويتقربون إلى الله بذكرهم في تواليفهم، ولم يصل الموافق والمخالف إلى عملها إلا بواسطتهم، وهم معتقدون لما عليه الصحابة من ترتيب الخلفاء في التقديم وتوفية
1 / 61