(198) أما ههنا فيستعمل حرف " أي " سؤالا فيطلب في واحد من عدة محدودة علم انحيازه على غير تحصيل له أن يعلم انحيازه بذلك على تحصيل له. وإنما يكون ذلك في واحد من عدة محدودة يقرن بكل واحد منها حرف إما. فإن حرف إما يميز في عدة محدودة واحدا عن واحد على غير تحصيل له وتعيين، وحرف " أي " يطلب به أن يميز في عدة محدودة واحدا عن واحد بتحصيل وتعيين. وإنما يكون الواحد من عدة محدودة منحازا بشيء ما على غير تعيين وتحصيل ومدلولا عليع بحرف إما ثم يطلب انحيازه بذلك الشيء على تعيين وتحصيل، في الأمور الممكنة. وذلك إما في التي هي ممكنة في وجودها وإما في التي هي ممكنة عندنا وفي علمنا بها. والتي هي ممكنة في وجودها هي أيضا ممكنة عندنا وفي علمنا بها. والتي هي ممكنة عندنا وفي علمنا بها قد تكون ضرورية في وجودها، وما هو من هذه غير محصل عندنا فهو في وجوده محصل، غير أنا نجهل نحن التحصيل منها. والممكنة في وجودها هي كثيرة من الطبيعيات وجميع الأمور الإرادية. فقولنا " أي هذين شئت " و" أي هذين اخترت فافعل " إنما هو طلب تحصيل ما هو غير محصل وجوده لأجل أنه ممكن في وجوده. وقولنا " العالم أي هذين هو، كري أم غير كري " هو طلب تحصيل ما هو غير محصل عندنا وهو في وجوده خارجعن أذهاننا يحصل على أنه كري لا غير أو على أنه غير كري، فإنه في وجوده ضروري، وإنما نجهل ما هو عليه ذاته. وجملة السؤال ب " أي " في هذه الأشياء ثلاثة. أحدها " أي هذين المحمولين يوجد لهذا موضوع " أو " هذا الموضوع يوجد له أي هذين المحمولين " . والثاني " أي هذين الموضوعين يوجد له هذا المحمول " أو " هذا المحمول يوجد لأي هذين الموضوعين " . والثالث " أي هذين الموضوعين يوجد له أي هذين المحمولين " أو " أي هذين المحمولين يوجد لأي هذين الموضوعين " . وهذه هي المطلوبات المركبة التي يقول أرسطوطاليس فيها إنها تجعل في عدة، وهي بأعيانها أيضا يسأل عنها بحرف " هل " . فالصنف الأول هو الذي يقال فيه " هل هذا المحمول يوجد في هذا الموضوع أم هذا المحمول الآخر " أو " هل هذا الموضوع يوجد فيه هذا المحمول أو المحمول الآخر " ، والثاني هو الذي يقال فيه " هل هذا الموضوع يوجد فيه هذا المحمول أو هذا الموضوع الآخر " ، والثالث " هل هذا المحمول يوجد في هذا الموضوع وذاك المحمول في ذاك الموضوع أو هذا المحمول يوجد في ذاك الموضوع وذاك المحمول يوجد في هذا الموضوع " .
(199) وكذلك يستعمل حرف " أي " في المطلوبات التي تكون بالمقايسة، وهي التي يطلب فيها فضل أحد الأمرين على الآخر، ويستعمل فيها حرف " هل " . وهي ثلاثة. أحدها " أي هذين المحمولين يوجد أكثر في هذا الموضوع " و" هل هذا المحمول يوجد أكثر في هذا الموضوع أم المحمول الآخر " . والثاني " أي هذين الموضوعين يوجد له هذا المحمول أكثر " و" هل هذا الموضوع يوجد له هذا المحمول أكثر أم هذا الموضوع " و" هل هذا المحمول يوجد في هذا الموضوع أكثر أم في هذا الموضوع " . والثالث " أي هذين المحمولين يوجد أكثر لأي هذين الموضوعين " و" هل هذا المحمول يوجد لهذا الموضوع أكثر أم هذا المحمول لهذا الموضوع " .
الفصل التاسع والعشرون:
حرف كيف
(200) وعلى هذا المثال ننظر في حرف " كيف " ، فنأخذ الأمكنة التي يستعمل فيها هذا الحرف سؤالا ونتأمل أي أمر هي وماذا يطلب به في موضع موضع من المواضع التي يستعمل فيها هذا الحرف سؤالا.
(201) منها أنا قد نقرنه بشيء مفرد وما يجري مجرى المفرد من المركبات التي تركيبها تركيب اشتراط وتقييد. فنقول " كيف فلان في جسمه " فيقال لنا " صحيح " أو " مريض " و" قوي " أو " ضعيف " ، ونقول " كيف هو في سيرته " فيقال " جيد " أو " رديء " ، و" كيف هو في خلقه " فيقال " ذعر " أو " وادع " ، و" كيف هو في صناعته " فيقال " حاذق " أو " غير حاذق " ، و" كيف هو فيما يعانيه في حياته " فيقال لنا " " هو عطل " أو " ذو صناعة " . فيكون المطلوب بحرف " كيف " في هذه الأمكنة كلها أموراخارجة عن ماهية المسؤول عنه بحرف " كيف " والتي يجاب بها فيها كذلك أيضا.
مخ ۶۴