(173) وكل إنسان إنما يجيب في الموضع الذي يمون سبيل الجواب فيه بالنوع أو بالجنس أو بالحد بالذي هو عنده نوع أو بالذي هو عنده جنس أو بالذي هو عنده حد. فإن النوع قد يكون نوعا على أنه يحاكي النوع من غير أن يكون نوعا فيأخذ الآخذ المحاكي للنوع أو للجنس أو للحد على أنه في الحقيقة كذلك على مثال ما يأخذه الشعر، أو نوعاهو ببادئ الرأي نوع، أو نوعايتموه أنه نوع، أو نوعاهو في المشهور أنه نوع، أو نوعاتبرهن أنه نوع. وكذلك كل واحد من الباقين. وكل إنسان إنما يجيب في الموضع الذي سبيله أن يجيب فيه بالجنس بالجنس الذي هو عنده جنس من الجهة التي بها صح عنده أنه جنس، وفي الموضع الذي سبيله أن يجيب فيه بالنوع إنما يجيب بالنوع الذي هو عنده نوع من الجهة التي بها صح عنده أنه نوع، وفي الموضع الذي سبيله أن يجيب فيه بالحد إنما يجيب بالقول الذي هو عنده حد من الجهة التي صح عنده بها أنه حد. والجهات التي بها يصحح الشيء أنه كذا وليس كذا تلك الجهات الخمس.
(174) والذي هو بالمحاكاة جنس يأخذه كثير من الناس جنسا لأشياء كثيرة، مثل الظلمة والنور، فإن قوما يزعمون أن المادة ظلمة ما وأن العقل نور ما وأن الملائكة أنوار. فإنه لا يمتنع أن يكون شيء ما عرضا في أمر، فيظن إما ببادئ الرأي وإما بتموه الشيء به أنه نوع له، حتى إذا تعقب بالطرق البرهانية يتبين أنه عرض له لا نوع له. وكذلك قد يكون القول رسما للشيء فيظن بهاتين الجهتين أنه حد له، حتى إذا تعقب بالطرق البرهانية يتبين أنه ليس بحد له.
(175) فلذلك متى صادفت ما قد يتبين عندك أنه عرض لشيء ما قد استعمله الجمهور أو بعض أهل الصنائع في الجواب عن " ما هو الشيء " فليس ينبغي أن تظن أن العرض عند الجمهور أو عندنا حد يستعمل في الجواب عن " ما هو الشيء " ، لكن ينبغي أن تعلم أن ذلك إذا استعملته في الجواب عن " ما هو الشيء " استعملته على أنه علامة للذات التي سبيلها أن تكون هي التي سئل عنها بحرف " ما هو " . لا على أن ذلك العرض أو العلامة إذا عقلت تكون ذاته قد عقلت. لكن كثيرا ما قد يعجز الإنسان عن أن يجد محمولا للمسؤول عنه إذا عقل تكون قد عقلت ذاته، فيجيب بما قد علم أنه ليس ذاته ليجعله علامة للشيء الذي إذا عقل تكون قد عقلت ذاته، فتكون قوة جوابه " إن الذي ينبغي أن يكون هو الجواب عما سألت عنه هو أمر لا أعرفه نفسه ولا بأسمه ولكن أمر يوجد له نوع كذا من العرض أو يوصف بكذا من الأعراض " أو " إنه أمر يخصه أنه يوصف بعرض كذا " أو " إنه أمر علامته كذا " ،وهو نوع العرض الذي أخذه في الجواب عن " ما هو ذلك الشيء " . فعلى هذه الجهة يصلح أن يجاب بالذي هو عرض - وهو يعرف أنه عرض - في جواب " ما هو الشيء " ،وكان الذي يجاب به رسما أو عرضا مفردا. غير أن الرسم الذي إذا كان إنما أردفت الأعراض فيه بجنسه كان أقرب إلى الحد من أن يكون مأخوذا دون الجنس.
مخ ۵۵