118

وقد جعلهما هذا الحصار الفكري مشوشين، يشعران ببعض الغضب أو الخزي؛ لذا لم يتوقفا عن التقبيل، والعناق، واستخدام كلمات الغزل؛ ليعوض أحدهما الآخر عند وداعهما متمنيا كل منهما للآخر ليلة سعيدة. كان من المريح لجريس أن تكون وحيدة، وأن تأوي إلى فراشها في المهجع، وتطرد من ذهنها أفكارها عن آخر ساعتين أمضتهما. وقد اعتقدت أنه من المريح أيضا بالنسبة لموري أن يقطع الطريق السريع بمفرده، ويعيد ترتيب انطباعاته عن جريس التي يعرفها، حتى يظل غارقا في حبها بكل إخلاص وصدق. •••

غادرت معظم النادلات المكان بعد عيد العمال، وعدن إلى مدارسهن أو كلياتهن، إلا أن الفندق ظل مفتوحا حتى عيد الشكر، ولكن بفريق عمل أقل عددا؛ كانت جريس من بينه. وقد ترددت أقاويل - هذا العام - بأن الفندق سيفتح أبوابه ثانية في بداية ديسمبر من أجل موسم الشتاء - أو على الأقل خلال فترة أعياد الميلاد - إلا أن أحدا من عمال المطبخ أو فريق صالة الطعام لم يعرف إن كان هذا صحيحا أم لا. وقد كاتبت جريس عمها وعمتها بشأن هذا كما لو أن الأخبار بشأن فترة عيد الميلاد كانت أكيدة، بل في الواقع لم تذكر أي شيء عن إغلاق الفندق مطلقا، إلا أن يكون هناك احتمالية بعد بداية العام الجديد؛ لذا فعليهم إذن ألا يتوقعوا مجيئها في تلك الفترة.

لماذا فعلت ذلك؟ لم يكن الأمر وكأن لديها خططا أخرى. كانت قد أخبرت موري أنها تعتقد أن عليها أن تمضي هذا العام في مساعدة عمها، وربما تحاول أن تجد شخصا ليتعلم صناعة المقاعد ويأخذ مكانها، بينما يجتاز هو - موري - السنة النهائية بالكلية. وقد وعدته بأن ترتب لزيارته لهم أثناء فترة عيد الميلاد؛ حتى يمكنه مقابلة عائلتها. وأجابها بأن عيد الميلاد وقت مناسب لإعلان خطوبتهما رسميا. لقد كان يدخر راتب عمله الصيفي كي يشتري لها خاتما من الألماس.

وكانت هي الأخرى تدخر راتبها؛ وذلك حتى تتمكن من أن تستقل الحافلة إلى كنجستون لزيارته أثناء الفصل الدراسي.

كانت تتحدث عن ذلك، وتقطع وعودا هكذا ببساطة، لكن هل تعتقد، أو تتمنى، أن يحدث هذا؟

قالت السيدة ترافرس: «إن موري شخصية رائعة، تستطيعين أن تلمسي ذلك بنفسك. سيكون رجلا محبا لا يتسم بالتعقيد؛ فهو يشبه والده، لكنه ليس كأخيه؛ فنيل رجل متقد الذكاء. لا أعني أن موري ليس كذلك؛ فإن المرء لا يمكن أن يصبح مهندسا دون أن يكون له عقل ذكي، بل ذكي جدا، لكن نيل ... شخصية عميقة.» ضحكت من نفسها ... ««الكهوف المبهمة العميقة لدب المحيط»، عم أتحدث؟ ظللت أنا ونيل لفترة طويلة ليس لأحدنا سوى الآخر؛ لذا أعتقد أنه مميز بعض الشيء. لا أعني أنه لا يمكن أن يكون شخصا مرحا، لكن في بعض الأحيان قد يكون أكثر الناس مرحا هم أكثر من يشعرون بالحزن في داخلهم. أليس كذلك؟ تتعجبين منهم، لكن ما جدوى القلق بشأن أبنائك الناضجين؟ بالنسبة لنيل أنا أشعر حياله ببعض القلق، وموري لا أشعر نحوه بالكثير من القلق. أما فيما يتعلق بجريتشن فأنا لست قلقة بشأنها على الإطلاق؛ وذلك لأن النساء دائما ما يكون لديهن شيء يعينهن على الاستمرار، أليس كذلك؟ الرجال لا يملكون هذا الشيء.» •••

لم يغلق المنزل الذي يطل على البحيرة أبوابه حتى عيد الشكر، وعادت جريتشن وأطفالها إلى أوتاوا بالطبع بسبب الدراسة. وكان على موري الذي أنهى عمله الصيفي أن يعود إلى كنجستون. وكان السيد ترافرس لا يخرج إلا في عطلات نهاية الأسبوع. وقد أخبرت السيدة ترافرس جريس أنها عادة ما كانت تمكث بصحبة بعض الضيوف أو تجلس بمفردها.

ثم تغيرت خططها؛ فقد عادت إلى أوتاوا مع السيد ترافرس في سبتمبر. حدث هذا بصورة غير متوقعة، وبالتالي ألغيت دعوة العشاء في عطلة نهاية الأسبوع.

أخبرها موري أنها كانت تعاني من بعض اضطرابات الأعصاب بين الحين والآخر. قال: «ينبغي أن تأخذ قسطا من الراحة، وكان عليها أن تذهب إلى المستشفى وتمكث هناك لنحو أسبوعين، وهم يعملون على استقرار حالتها، وهي دائما ما تغادرها في حالة جيدة.»

قالت جريس إن أمه هي آخر شخص يمكن أن تتخيله يعاني من مثل هذه الاضطرابات. «لكن ما سبب ذلك؟»

ناپیژندل شوی مخ