د رسول د دولت جنګونه (لومړی برخه)
حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
ژانرونه
وهكذا بدا واضحا أن الملأ لم يعوا المقاصد الكبرى للدعوة، ودورهم الممكن فيها، إزاء رؤية قاصرة، تقف عند حدود المصالح الآنية الأنانية المرحلية، ولم يتجاوزوا المنافع الضيقة لنفر معدود، التي تحققها التعددية الربوبية القبلية، ولم تتسع رؤيتهم لتستطلع الاتجاه التاريخي، لمسار حركة التطور العام للحراك الاجتماعي العربي، ولم تع إطلاقا أن ذلك الحراك هو تطور على درجة أعلى لمستقبلها كطبقة تشكل نواة لشريحة كبرى، يمكنها أن تلعب دورا كبيرا في الفرز المرتقب للتشكيل التاريخي.
نعم لم يدرك الملأ أنهم الطبقة المؤهلة لقيادة الدولة، وأن قريشا هي الفريق المؤهل لرئاسة حركة كبرى - وهو ما سيحدث بالفعل بعد ذلك - ولم يدركوا أن مصلحة الطبقة جميعا على المستوى البعيد، مع التوحد في دولة مركزية، تكون نواتها وعاصمتها مكة، تحت راية إله واحد فرد، يشكل الوحدة الجامعة الأيديولوجية، وتحت زعامة نبي عربي واحد موحد، لكن ذلك لا ينفي إدراك بعض عقلاء القوم - بوعيهم النافذ وحنكتهم وحكمتهم ودربتهم - للأمر العظيم، وهو ما يمثله موقف أكثر رجال الملأ حكمة وجلالا «عتبة بن ربيعة»، ذلك العجوز الخبير الداهية، بعد أن التقى النبي
صلى الله عليه وسلم ، وأدرك الأهداف الكبرى للدعوة.
وضاع كلام عتبة، وسط ضجيج الحمية للمصالح الأنانية الضيقة. وتراكم خطأ حسابات الملأ، مما دفع إلى خطوات أخرى، ومتغيرات أخرى. وبالتدقيق، يمكن قراءة دوافع ذلك الخطأ الأساسي وكشفه، والذي يكمن برأينا، في مجاهرة النبي بضرب المصالح الآنية الأنانية لأطماع الملأ التي لا تتوقف، بدءا بضرب التعدد الربوبي القبلي، بهدف التوحيد الآتي، وإعلانه كفران قريش، وسلبها لقب «أهل الله»، ومخاطبته إياها بالقول:
قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون (الكافرون: 1، 2)، ثم تسفيهه لمعتقداتها وعقائد العربان، الذين هم أشد كفرا، باتباعهم أربابا وأسماء سموها ما أنزل الله بها من سلطان.
ثم ما كان أكثر نكاية للملأ، برفض الدعوة لقواعد التجارة السارية، بعد أن خبر النبي في تجاربه السابقة وتجارته، ما تؤدي إليه هذه القواعد من تعطيل وتجميد للحركة التجارية، عند حدود المكاسب الأكثر عائدية للأرستقراطية المكية وحدها، فقام يهاجم كنز الذهب والفضة وتعطيلهما عن أداء دورهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتنديده بلا هوادة بالربا والمرابين لدورهما في سحق صغار التجار، بغرض تركيز الثروة بيد فئة لا تؤدي للمجتمع خدمات منوطة بوضعها السيادي، ثم ما يؤدي إليه الربا في النهاية من استرقاق المدين، وهو ما يلقى بأيد مسحوقة لعمل غير مأجور، وكان لا بد أن يسفر الأمر عن جفوة فعداء جهير، أدى بالنبي
صلى الله عليه وسلم
إلى وجهة أخرى مرحلية، على خطوات الطريق الاستراتيجي الطويل، تحول بموجبها نحو المستضعفين والمعدمين والعبيد، يدعوهم إلى النسب، وامتلاك كنوز كسرى وقيصر، التي تتضاءل أمامها كنوز الملأ، وإلى الشرف والكرامة، لتشكيل نواة أولى لأمة جديدة واحدة من دون الناس وهم دوما مادة الحروب لمصالح الطبقات المسيطرة ومادة الانتقال الثوري لمصالح طبقة غيرهم.
وتبع تلك الخطوة متتابعات سريعة، فتم تكثيف الهجوم المباشر على الأثرياء، وتوعدهم بسوء المآل، حتى أسفر الهجوم أحيانا عن ذم الثروة في ذاتها، مع وعيد وإنذار بعذاب مقيم، لمن يمارسون قواعد تجارية يجب تجاوزها، من أجل سيولة ونضوج أفضل، يسمحان بإشراك المجتمع كله في الحركة الاقتصادية، فكان الهجوم على آكلي أموال اليتامى والمساكين، وعلى احتكار مواد المعيشة الأساسية، واستغلال الأرستقراطية لحاجة الناس من أجل ربح أقصى، فسفه أمر من جمع المال وعدده متصورا أن ماله أخلده، غير عالم أن خلوده سيكون بالنبذ في الحطمة، نار الله الموقدة، مع النذير للمطففين الذين ما أغنى عنهم مالهم وما كسبوا.
وعلى الجانب الآخر، كانت البشرى للمستضعفين، بأنهم بانضوائهم في الأمة الجديدة، سيحلون محل الملأ، وذلك باعتصامهم جميعا بحبل الله، وهو ما سيجعل هناك فرقا بينا بين تكوينهم المجتمعي، وتكوين الذين تفرقوا واختلفوا قبائل وعشائر شذرا مذرا بعد ما جاءتهم البينات، وهو ما سيترتب عليه حتما تنازع هؤلاء وفشلهم وذهاب ريحهم، ومن ثم كان إعلان الوحي بالنتيجة المحتمة، والخطط المعدة للدولة الواحدة، في قوله:
ناپیژندل شوی مخ