209

د رسول د دولت جنګونه (لومړی برخه)

حروب دولة الرسول (الجزء الأول)

ژانرونه

ويؤكد جميع أهل السير أن وقعة بدر الكبرى كانت في شهر رمضان من العام الثاني للهجرة، وهو ما يقوله ابن الأثير: «وفي السنة الثانية كانت وقعة بدر الكبرى في شهر رمضان في السابع عشر وقيل التاسع عشر وكانت يوم الجمعة.»

14

لكن؛ إذا كان الصيام الرمضاني قد فرض في شعبان من ذلك العام، وكانت وقعة بدر الكبرى قد وقعت في رمضان من ذات العام، فلا أقل من أن نسمع من كتب الأخبار والسير عن ظروف المسلمين وهم صائمون، ومتى أهلوا بالصيام ومتى أفطروا، وهل قاتلوا صائمين أم مفطرين، وهي العادة مع كتب الأخبار التي تفصل تلك الأمور وتدقق بشأنها في كل غزوة، مثلما حدث بشأن تأخير الصلاة في غزوة «قريظة»، وما حدث بشأن الصيام الرمضاني في فتح مكة، حيث تجد تفاصيل صغيرة ودقيقة. والمعنى المقصود هنا هو أن الصيام الرمضاني لو كان قد فرض قبل بدر الكبرى، بينما بدر قد وقعت في شهر رمضان، لوجدنا لمسألة الصيام مكانها في سرد الأحداث البدرية وهو ما لم يحدث؛ مما يعني وجوب تأجيل الصيام الرمضاني والزكاة وتحويل القبلة وصحيفة المعاقل معا إلى الفترة التي افترضناها، خاصة مع ارتباط تلك الأحداث في سياق واحد يناسب بعضه بعضا، وهو الفرض الذي يقبل الخطأ كما يقبل الصواب.

وإعمالا لذلك كله، فإن الآيات الكريمة التي تحدثت عن التوراة وهداها ونورها، وعن تفضيل الله لبني إسرائيل، والقص الطويل عن أنبياء التوراة من إبراهيم إلى إسحاق ويعقوب ويوسف والأسباط وموسى وداود وسليمان ... إلخ. كل ذلك أفرغ محتواه في الصحيفة التي عقدت بين جميع أطراف القوى في يثرب، والتي كانت أولا نتيجة لتحول حال المسلمين بعد بدر من ضعف إلى قوة، ومن لاجئين إلى مواطنين على ذات الدرجة. وكانت ثانيا محاولة لفرض الهيمنة وإعادة الأمر كله لسيد المدينة الجديد بعد التهاوي المعنوي في هزيمة أحد؛ لتأمين الجبهة الداخلية ليثرب مؤقتا. كما كان لوقعة أحد نتيجة أخرى هامة، تمثلت في تحويل القبلة إلى الكعبة - هذا إن كان فرضنا صادقا - في رسالة واضحة لكل الأعراب، أن قطع طريق الإيلاف وضرب مصالح الملأ الأنانية، لا يعني بالضرورة ضرب الرمز الديني المكي، ورسالة موجزة برقية لأهل مكة أنفسهم تهدئ من روعهم إزاء سيد يثرب. أما أصحاب السير والأخبار فلم يجدوا سببا واضحا يعلل التحول عن أورشليم إلى مكة، سوى ما ردده الإخباريون مع الطبري أن النبي: «كان يحب أن يصلي قبل الكعبة فأنزل الله: قد نرى تقلب وجهك في السماء.»

15

ثم جاء التحول إلى الصيام العربي ليلتقي مع تقديس يوم العروبة (يوم الجمعة وكان يسمى يوم العروبة) في وقت مبكر، ليعلن في إشارات واضحة منحى التحول. أما أبرز الشواهد على أن صحيفة المعاقل قد عقدت في ظرف يستعرض فيه المسلمون قوتهم، أنها علقت بسيف رسول الله

صلى الله عليه وسلم

وهو ما لم يكن ممكنا زمن الهجرة عندما كان المسلمون قلة ضعيفة لاجئة إلى يثرب، وكان تعليقها بسيف رسول الله رسالة ذات معنى لجميع سكان يثرب وللمنافقين. ولحق ذلك جميعه تدريب آخر للمسلمين على نظام الدولة المؤسسية؛ ففرضت الضرائب (الزكاة). أما أهم بنود الصحيفة التي كانت ترفرف على سيف النبي، فهي تلك التي قالت في مفتتحها: «هذا كتاب من محمد النبي الأمي.» وهو ما يشير إلى المعاقل كفرمان صادر من سلطة النبي السيادية. فرغم أن المعاقل كانت بين أطراف، فإن تلك الأطراف لم تكن متكافئة؛ لأن صيغتها وأسلوبها وإيحاءاتها، ناهيك عن ذلك الاستهلال في مفتتحها تشكل قرارا صادرا من سيد قوي فوق بقية الأطراف، فهي بمثابة كتاب أمان من النبي لسكان يثرب، إضافة إلى أن الصياغة لم تقل: «هذا كتاب من محمد بن عبد الله.» إنما فرضت صفة النبوة على جميع الموقعين أدناها، وهو الأمر الذي استثمر رغبة اليهود والمشركين اليثاربة في الأمان بعد سل سيف الاغتيال وتجريد الكتائب بعد أحد، ليمنحهم سلاما مشروطا بسيادة المسلمين ونبيهم، وهو ما توضحه قراءة بقية بنود صحيفة المعاقل.

وضمن تلك البنود يأتي النص الذي يؤكد أن المعاقل قد تمت: ... بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون على ربعتهم يتعاقلون بينهم، وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط، وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين (ويتم ذكر كل بطن من البطون وكل دار)، وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس، وأنه من تبعنا من يهود، فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم ... وإنكم مهما اختلفتم في شيء فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد

صلى الله عليه وسلم

ناپیژندل شوی مخ