د انساني آزادۍ او علم: یوه فلسفي مسئله
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
ژانرونه
36
وكان رينوفييه يفضل دائما كتاب «علم الأخلاق» من بين مؤلفاته جميعا؛ لأنه يرى نفسه أساسا فيلسوفا أخلاقيا، وبهذا يتضح أن لاحتميته لم تكن نزيهة بل مغرضة، إنها من أجل إزاحة معضل الأخلاق في العالم الحتمي.
على أن التالين لرينوفييه من هذا الفرع الوضعي النقدي، كانوا أكثر إخلاصا لقضية الحتمية واللاحتمية العلمية، بل وبصرف النظر عن ارتباطها بالحرية، فثمة جبرييل تارد (1843-1904)، الذي رفض متأثرا بكورنو تلك الحتمية التاريخية والاجتماعية والنفسية، بل وفي محاولته لجعل هذه العلوم عملية أكثر، دعا إلى تفسير ظواهرها بالتدخل العرضي لأفكار صغيرة، وثمة أيضا الشاعر بوكس بورل (روني الأكبر) الذي أخرج كتابه «الكثرية» أو «التعددية» ليفند الواحدية والحتمية وفكرة الضرورة المطلقة في القوانين، وليسهم إسهاما مفيدا في تعيين حدود العلم وتأكيد المصادفة والاحتمال واللاحتمية، وسيبقى الرياضي جول تانري (1848-1910) صاحب أفضل الأبحاث عن مشكلة حدود المعرفة العلمية، وقد أكد أنها ستظل دائما نسبية، واستحق تانري بجدارة لقب الخصم اللدود للحتمية العلمية والميكانيكية، ومثله الرياضي إميل بورل، الذي أخرج عام 1914 كتابه «المصادفة» يثبت فيه أن التفسير الميكانيكي غير كامل ولا بد من إكماله بتفسيرات إحصائية، ويأتي الرياضي جاستون مليو (1858-1918) لينزع - بتأثير بوترو - الحتمية عن قوانين الطبيعة، وخصوصا الحتمية السيكولوجية؛ لأنه يستحيل أن يقوم عليها برهان، أما أرتور هانكان (1856-1905) فقد كرس جهوده لإثبات أن الفرض الذري روح العلم وأساس كل العلوم، حتى الرياضة، وأن «المعرفة التي يعطينا إياها الفرض الذري لا تنطوي على دقة مطلقة، ولا يمكن أن تكون إلا معرفة تقريبية»
37
وبالتالي لا يمكن أن يكون العلم إلا لاحتميا. ••• (23) ألا ما أعظم هذه الحركة الفرنسية التي بوركت بثورة العلم اللاحتمية التالية لها مباشرة بل والموصولة بها، ولا شك أن دور هؤلاء الرياضيين الأجلاء كان جوهريا في فتح الطريق المظفر أمامها، وتنقيته من الشوائب الحتمية - لقد علمونا أن الحتمية العلمية ليست «تابو» الاقتراب منه حرام.
ولكن جهودهم كانت إبستمولوجية صرفة وهي أصلا - على حد تعبير بيري - محاولات «لتقليم أظافر العلم» بحيث يمكن استئناسه وتدجينه دون تعريض الروح للخطر
38
ولم يستطيعوا النفاذ من الإبستمولوجيا إلى الأنطولوجيا، بل وصل الأمر معهم إلى حد رفض أية دلالة أنطولوجية للعلم، وهو لهذا وربما لهذا فقط لاحتمي؛ لذا يمكن القول إن اللاحتمية معهم يحق عليها تفسير الحتميين الذاتي لها، لتكون نتيجة لعجز العقل عن الاقتراب من الواقع الأنطولوجي، وانحصاره عن نفسه، لقد أصبحوا ضامين لهنري بوانكاريه وبيير دوهيم، أي للفلسفة الاصطلاحية أو الأداتية في تفسير طبيعة العلم والتي لا بد وأن ننحيها جانبا؛ وذلك لأنها تصك على العلم ختام القوقعة الإبستمولوجية.
لقد ظلت الحرية معهم سابحة في الأجواء الإبستمولوجية بل والعقلانية الميتافيزيقية، ولست أراهم وقد استطاع أحد منهم إحراز هدفهم من جلب الحرية من النوميا الكانطية المفارقة إلى هذا العالم حقيقة، وهذا طبيعي طالما أن اللاحتمية العظيمة معهم ظلت إبستمولوجية فقط.
لقد كانت محاولاتهم الجادة لقهر معضلات الفلسفة الحتمية، وإزاحة واحديتها، وإرساء التعددية - خصوصا تعددية رينوفييه - وفي إزاحة وهم اليقين، وفي نقد الميكانيكية والنزعة الآلية، وفي نظريات الاحتمال ... إلخ، كانت هذه المحاولات عناصر أساسية في فلسفة اللاحتمية والحرية المعاصرة، ولكنهم كفلاسفة للحرية كانوا يحاولون تشييد لاحتمية فقط بالجهود الذاتية وبمنأى عن الواقع الأنطولوجي فلا كانت لاحتميتهم تلزم العلم، ولا كانت حريتهم تلزم الفلسفة.
ناپیژندل شوی مخ