د انساني آزادۍ او علم: یوه فلسفي مسئله
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
ژانرونه
فمثلا ظل الحتمي هنري بوانكاريه مؤرقا عدة شهور بمشكلة رياضية لم يجد لها حلا، وفجأة بلا أية مقدمات، بمجرد أن وضع قدمه في إحدى الحافلات، لمع الحل في ذهنه بغتة، بغير أن يجد لذلك أي تفسير، وإذا افترضنا عالما أو محللا نفسانيا، على طراز شيطان لابلاس، يعلم كل شيء عن حالة الوعي واللاوعي، والشعور واللاشعور لبوانكاريه، فإنه كان سوف يتنبأ بهذه الحادثة، وهذا يعني أنه كان سيعرف قبل بوانكاريه حل تلك المشكلة الرياضية،
72
فكيف يمكن أن نتصور فيها - أو في أي شيء - إبداعا أو خلقا من قبل ذات منفردة، لا ذوات في عالمنا الحتمي، بل فقط مواضيع لتطبيق المبدأ الحتمي، ولا مكان في هذا العالم لمفاهيم الجدة والخلق الأصيل والإبداع والتطور الحقيقي.
ويمثل هذا معضلا؛ لأن التجربة الوجودية تؤكد عملية انبثاق الجديد باستمرار، كل ميدان من ميادينها بدءا من أعظم إنجازات العقل وأروع إبداعات الفن، وحتى أبسط المواقف الشخصية، يؤكد أن الإنسان يأتي بالجديد، يبدع ويخلق، أي يفعل ما لن يفعله سواه، وما لا يتحقق إلا بالإرادة المبدعة والتصميم الحر والجهد الإرادي الموجه، تنفي الحتمية هذا، وعلى ديدنها في إزاحة كل ما يعارضها أو يعترضها تئوله على أنه مظهر يخدعنا بسبب الجهل بالعلل الكونية الكائنة خلفه، وحين يعم نور العلم الحتمي سوف ندرك هذا جيدا، ولكن يصعب بل يستحيل تصديق أن التطور والجدة والخلق والإبداع مظاهر للجهل الذي لا يقحم ويقهر إلا بها، ويصعب أكثر تكذيب الحتمية، فيتخلق معضل لا مخرج منه أبدا.
وبعد كل هذا، إذا عدنا إلى الفقرة (18) التي ستوضح تناقض العلم الحتمي ذاته بصدد الحرية حين ينفي أول مستوييها، الحرية الأنطولوجية، ويصادر على حرية من المستوى الثاني، لكي ينمو العلم نفسه ويترعرع ولكي تتواتر إبداعات العلماء، أدركنا مدى حدة الشيزوفرينيا التي يخلقها معضل أو مبدأ الحتمية، إن العلم يصادر على الحرية من أجل الجدة والإبداع في حين أن حتميته تنفي الجدة والإبداع من حيث تنفي الحرية الإنسانية.
إن المعضل ليس معضلين بل واحدا لا سواه، إنه معضل الحرية الإنسانية، أما معضل الجدة فهو كالمعضل الأخلاقي، وجه من وجوهه أو بعد من أبعاده؛ لأن الجديد لا يأتي طبعا من الآلي الميكانيكي، ومحاولة الإقرار بهذا تناقض منطقي وخلف محال، الجديد لا يأتي إلا من الفعل الحر، والفعل الحر بدوره هو الفعل المبدع «الحرية هي حرية الخلق، حرية الانبثاق من الماضي المتراكم إلى الجدة التي لا يمكن التنبؤ بها»
73
الحرية تربط الأنا بذاته وبالعالم، وذاك هو معنى التحرر: قوة مبدعة وفي الوقت نفسه إبراز لأنا كلي وفاعل،
74
وماذا عسى أن تكون الحرية في النهاية إن لم تكن تلك القدرة على الخلق، خلق الجدة والعمل على تحقيقها، بل خلق وجود خصب يكون من شأنه أن يجيء نسيجا وحدة، وأن يحقق في الكون ما لا سبيل إلى تحقيقه بدونه.
ناپیژندل شوی مخ