د انساني آزادۍ او علم: یوه فلسفي مسئله
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
ژانرونه
يمنى طريف الخولي
المدخل
إن المعايشة الحقيقية الحميمة لعالم التفلسف، لا تأتي إلا من خلال معايشة مشكلاته، ذلك أن كل مبحث فلسفي وأية أطروحة للتناول الفلسفي، تسمى مشكلة. إذن فالفلسفة عن بكرة أبيها، ومنذ نشأتها وحتى الآن وإلى أبد الآبدين، لا تعدو أن تكون تفكيرا - اختلفت زواياه وأبعاده ومنظوراته وخلفياته ومناهجه ومسلماته وحصائله - في مجموعة من المشكلات.
فهل من سبيل للتعرف على عالم الفلسفة الخصب الزاخر خير من تناول مشكلة معينة؛ لنرى كيف ولماذا انشغلت بها أعاظم العقول؟ وبما جادت القرائح بشأنها؟
وقد وقع الاختيار على «مشكلة الحرية»؛ لأنها واحدة من أمهات المشكلات الفلسفية الكبرى، وتصلح في حد ذاتها مدخلا لتاريخ الفلسفة بجملتها، ولن نجد فيلسوفا أو حتى مفكرا لم يدل بدلوه فيها، إنها مشكلة عتيقة جدا، بدأ الانشغال بها في رحاب الفلسفة اليونانية - وهي الفلسفة الأم - وحتى الآن، وفي كل عصر وفي كل وضع وحال، كانت دائما تشغل الأذهان، وتستقطب اهتمام الفلاسفة، هي حقا مشكلة عتيقة جدا، ولكن شأنها شأن المشكلات الفلسفية الحقيقية، يزداد ميراثها مع الأيام - أو بالأحرى مع توالي العصور - نضارة ورونقا وبهاء.
على أن حيوية مشكلة الحرية لا تأتي فقط من الدور المحوري الذي احتلته في تاريخ وبنية الفكر الفلسفي، بل تتأتى أصلا من كونها واحدة من مشكلات فلسفية قليلة تحطم جدران الأروقة الأكاديمية التخصصية وتتجاوز أطر البحوث الاحترافية، لتنساب في تيار الحياة الدافق المعيش، وليس من الضروري أن يتسلح الإنسان بوعي عميق وفكر ثاقب ليدرك أن الحرية هي قدس أقداس التجربة الإنسانية، ومن منا - سواء كانت له علاقة بالفلسفة أم لا - لم يلح على ذهنه في لحظة ما التساؤل: هل أنا حر؟
لكن هذا التساؤل يحمل أكثر من مائتي معنى، أجل مائتين! ليس مبالغة ولا تهويلا، بل عدا وحصرا ... إن كان إلى عد وحصر زوايا الوجود الإنساني سبيل، وسوف نرى تفصيلا مدى شمولية مقولة الحرية الإنسانية، وليس يصعب بداءة إدراك تشعبها في كل مناحي الواقع المعاش والعقل الفعال، وكيف أنها قد تكون في هذا المنحى ولا تكون في ذاك، وقد يؤكدها جانب وينفيها آخر، وقد يكون الإنسان حرا هنا وليس حرا هناك.
فكيف لا نجفل من طرح مثل ذلك السؤال الجبار: هل الإنسان حر؟
وما بالنا لو كانت الأطروحة فلسفية! والفلسفة هي النظرة الشمولية الكلية الضامة لسائر كليات وجزئيات الحضارة الإنسانية ومجمل جوانب الوجود الموجود - وغير الموجود أيضا في بعض السبحات الميتافيزيقية.
وفي مقابل كل هذه العمومية الفضفاضة، نجد أن الفلسفة هي فن طرح الأسئلة، أكثر كثيرا من كونها فن الإجابة عنها، إن تحديد المشكلة المطروحة للبحث ليس فاتحة الطريق الفلسفي فحسب، بل أكثر من نصفه، وهي في عرف البعض غايته وكل المراد من الفيلسوف.
ناپیژندل شوی مخ