د انساني آزادۍ او علم: یوه فلسفي مسئله
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
ژانرونه
فليست أزمة العالم تلك - التي تخلقت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر - إلا عجز التصور الحتمي الميكانيكي عن استيعاب قوانين وظواهر جدت، فقد كانت فيزياء نيوتن تتعامل مع الكتل الماردة المكونة للعالم الأكبر البادي أمام الخبرة العادية، أي الحس المشترك النازع إلى الحتمية. ومع مطالع القرن العشرين كان العلم قد اقتحم بنجاح مظفر العالم الأصغر ... العالم الذري الذي ضرب عرض الحائط بكل ما له علاقة بالحتمية، واستعصى تماما على قوانين نيوتن، فلا تجرؤ على الاقتراب منه، ولتقتصر فقط على الكتل الضخمة، ولنعلم أن ما بدا معها من حتمية أتى من سطحية النظرة لما يقع مباشرة في الحواس، بينما الحقيقة الرابضة في أعماق المادة، حقيقة الذرات التي هي لبنات هذا الوجود تكشف عن خطأ كل ادعاء بالحتمية الميكانيكية والعلية والضرورة والعمومية المطلقة واطراد الطبيعة ... إلى آخر عناصر المبدأ الحتمي كما رأيناه.
بدأت الأزمة بعلم الديناميكا الحرارية (ظواهر الحرارة)، فهي لا تسمح باستخدام الرياضة الإقليدية، وترفض التحديد الفردي الميكانيكي وتستلزم الإحصاء وتطرح تنبؤات لا يقينية بل احتمالية، لا لعجز الإنسان عن إدراك كافة العلل، وإنما لاتفاق الإحصاء مع طبيعتها الاحتمالية، إن الاحتمالية هي النقض الصريح للحتمية، وبالتالي هي الوجه الإبستمولوجي الصريح للاحتمية، وكما رأينا، كان الحتميون يلوون عنق كل احتمال بواسطة تفسيره تفسيرا ذاتيا، أي إرجاعه إلى الذات، إلى الإنسان وعجزه عن إدراك كافة العلل، ولكن الديناميكا الحرارية حملت إلى أعطاف الفيزياء أول اقتحام للاحتمال الموضوعي الراجع لطبيعة الموضوع لا لعجز الذات، وبالتالي أول تخل عن الحتمية، وتوطد هذا أكثر بدراسة حركة الغازات، والحركة الدائمة لجزيئات السوائل المسماة بالحركة البراونية «نسبة إلى مكتشفها روبرت براون» والتي تزيد بالحرارة حتى تعطي ظاهرة الغليان، وكلتا الحركتين مجهرية لا تراها العين المجردة، إنهما أول براهين مباشرة على الوجود الحقيقي للذرات.
ثم كانت الذرة ونشاطها الإشعاعي ليحررا العقل العلمي نهائيا من وهم الحتمية، لا سيما بعدما انضاف إليهما الكوانتم (الكم) في 17 ديسمبر عام 1900، على يد العالم الألماني الفذ ماكس بلانك، فقد حاول أن يضع حلا لمأزق نجم عن إشعاع الأجسام السوداء حين يتوغل في المنطقة فوق البنفسجية فيخرق القوانين المعمول بها «قانون رايلي/جينز»، فاقترح بلانك الكوانتم بوصفه ذرة الطاقة أو وحدتها الأولية، وأحكم العلاقة بين الطاقة والتردد عن طريق معامل تناسب معجز اتضح أنه ثابت في جميع أنواع الطاقة؛ لذا يعرف بثابت بلانك أو كوانتم (كم) الفعل.
كان الكوانتم هو المنعطف الجذري - بألف ولام التعريف أي المفرد العلم - في دنيا العلم، حقا أنه محض نظرية عن الطبيعة الفيزيائية للإشعاع، ولكن ما أدراك ما الإشعاع! لقد تفاقم أمره حتى استحال الكون بأسره، بما في ذلك كتل نيوتن الصلبة، إلى مجموعة من الإشعاعات، كل شعاع منها تملك زمامه نظرية الكوانتم تلك، فأصبحت الفيزياء الذرية هي فيزياء الكوانتم، الذرة والإشعاع والكوانتم هي الكيانات الأساسية التي يتكون منها عالم الفيزياء الذرية، المنبثق من قلب عالم نيوتن، ليتمرد على تفسيره الميكانيكي وليتحدى بصلابة قوانينه اليقينية ويفرض الاحتمال فرضا مهما عزت علينا الحتمية.
وتوالت جهود صناديد العلم، فاقتحم الكوانتم الميكانيكا الإحصائية ليحل مشاكل مستعصية، وطرح نيلز بور نظريته في الذرة تربط بين أنموذجها التقليدي عند رذرفورد وبين كوانتم الطاقة عند بلانك، ووضع مبدأه المعروف باسم مبدأ التكامل
Complementarity
بين مفهومي الذرة والإشعاع، وكان آينشتين قد قام بأعظم توسيع للكوانتم حين طبقه في دراسة الظاهرة الكهروضوئية، فتوصل إلى الفوتون، والفوتون هو الجسيم في كل إشعاع، ومعنى هذا عود إلى النظرية الجسيمية وخروج عن النظرية الموجية التي كانت الفيزياء الحتمية قد اعتمدتها، لتفسير طبيعة الضوء. فتقدم لويس دي بروي
L. De Broglie
مؤسس علم الميكانيكا الموجية في رسالته للدكتوراه عام 1917 لإعلان أن الضوء مكون من جسيمات ومن موجات معا، وبلغت به الجرأة حد نقل هذه الفكرة إلى ذرات المادة التي لم يفسرها أحد من قبله على أساس موجي، ويخبرنا لويس دي بروي - في كتابه «الفيزياء والميكروفيزياء» عن الترجمة العربية ص72 - بأن هذا أمر قد يبدو بالغ الصعوبة فقط إذا ما فكرنا بمفاهيم الفيزياء الكلاسيكية وبحثنا عن الحتمية واليقين، ولكنها تبدو بسيطة عندما ندخل الاحتمالات بصورة منتظمة في صلب الظواهر الأولية، فالمادة التي افترضها دي بروي هي توزيع لاحتمال وجود الفوتونات على المكان.
إذن فكرة الاحتمال هنا أساسية - أو موضوعية لا علاقة لها بجهل الذات العارفة، لتنقض الحتمية، وتعني اللاحتمية، جهارا نهارا.
ناپیژندل شوی مخ