د انساني آزادۍ او علم: یوه فلسفي مسئله
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
ژانرونه
وتماما كما أن المذهب يتناقض منطقيا مع الحتمية العلمية وعالمها الذي يلغي الحرية، فإنه يتسق منطقيا مع - وفقط مع - اللاحتمية العلمية وعالمها الذي يتسع للحرية، ليس فحسب، بل وأيضا يلزم عنها - فقط عنها - لزوما منطقيا، فإذا تذكرنا أن فكرة البديل هي أساس مذهب الحريين، كما هي في الواقع أساس أية حرية أنطولوجية، لوجدنا أن الطبيعة الاحتمالية لأحداث العالم اللاحتمي، بنفيها لدرجة 100٪ عن أي حدث، تحمل معها دائما وبالضرورة المنطقية احتمالا آخر له، حتى ولو كان 0,0001٪ فإنه تعني أن مقولة البديل قائمة، ولا حدث مفروض بالضرورة الكونية المطلقة؛ فتتوافر إمكانية الاختيار أمام الفاعل، ليصبح حرا مسئولا .
على أن الخوف من المسئولية والخوف من اللاحتمية، يفصح عن وجهه الواحد في صورة اعتراض على هذا التساوق القائم بينهما، والذي يطرح الحرية بثقة واتساق، يفصح عن وجهه في صورة التساؤل الآتي: اللاحتمية تحمل في سياقها العشوائية
Randomness
فأيهما أفضل، أن تجيء الأفعال الإنسانية عشوائية أم أن تأتي بوصفها ناشئة عن شخصية الفاعل؟ وبالطبع البديل الثاني أفضل، ويجمل بنا الأخذ به، لننتهي إلى أن الأفعال الإنسانية محددة بعوامل البيئة والوراثة التي شكلت شخصية الفاعل، أو حتى محددة فقط بخصائص شخصيته، وها نحن ذا قد وقعنا من جديد في براثن الحتمية وبالتالي لم نفعل شيئا، وعلينا أن نعود من حيث بدأنا.
وليس الأمر هكذا وأبدا لن نعود للحتمية، وكثيرون من فلاسفة الحرية العلميين، منذ أبيقور ولوكريتوس حتى راسل وإدنجتون، قد تفادوا هذا بحجة مقنعة، مفادها أن الفارق فيزيقيا بين الأحداث العشوائية وغير العشوائية يعود إلى غياب أو توافر عنصر معين من عناصر التحديد، بطرحه على الأفعال الإنسانية نتوصل إلى أن الفارق بين الأفعال القصدية والعشوائية لا يرجع بالطبع إلى أن الأولى حتمية والثانية لاحتمية، بل يرجع إلى عنصر الإرادة الحرة في الأول وغيابه في الثاني،
130
لتأتي الأولى متعمدة أي قصدية، والثانية عفوية، وبهذا نعود إلى ما لاحظناه في إبستمولوجية العلم اللاحتمية خصوصا الفروع الإنسانية من العلم، أي الإقرار بالحرية كعنصر هذا العالم، ولا فهم سليما له إذ نحن تجاهلنا هذا العنصر الأنطولوجي الجوهري الأصيل: الحرية الإنسانية، إذن فقد ارتدت سهامهم إلى صدورهم وجعلونا نأتي بتأكيد أعمق لأنطولوجية الحرية، هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى، يسهل تبيان تهافت هذا الاعتراض وأنه محض دوران منطقي حول الحتمية، حيث إن العشوائية هنا تأتي بقصد إضفاء اللامعقولية على الأفعال اللاحتمية، مثل هذا الاعتراض كثيرا ما يثار في صورة أخرى، وذلك حين يقال إن التصرف أو الاختيار المحدد بين الاحتمالات سوف يصبح مع اللاحتمية لامعقولا طالما أنه لا يوجد شيء يعين هذا الاختيار دون سواه، ولكننا نتساءل أولا ما الذي يمكن أن يعين الاختيار الذي هو اختيار ويجعله معقولا ومسئولا، إلا الحرية الإنسانية الواعية المعقولة والمسئولية؟ ونتساءل ثانيا: «ما الذي يعنيه القول إن التصرف الحر أو اللاحتمي معقول؟» إذا كان يعني «إبستمولوجيا» أن الحدث لا يمكن من حيث المبدأ الاستدلال عليه استدلالا يقينيا، طالما أنه لا يتبع بالضرورة مقدمات أخرى، لكان هذا يعني أن الحتمية أو التفسير الحتمي في ذات الهوية مع المعقول،
131
وهذا ما انتهينا من دحضه في المدخل، أما إذا قلبنا العملة إلى الوجه الأنطولوجي وقلنا إن اللامعقولية هنا تعني أن الفعل لا يتبع بالضرورة شيئا ما آخر، فإن هذا ليس نقدا للفعل الحر أو اللاحتمي بل بالأحرى وصفا له.
من غير المعقول الاستمرار في الدائرة المفرغة القائلة إن الحتمية هي ذاتها المعقولية، وهي فقط المعقولية، وقد حطمناها بالوقوف على اللاحتمية في العلم المعاصر.
ناپیژندل شوی مخ