Hunting Ideas in Literature, Morals, Wisdom, and Proverbs
صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال
خپرندوی
سُجل هذا الكتاب بوزارة الثقافة
د خپرونکي ځای
بدار الكتاب برقم إيداع (٤٤٩) لسنة٢٠٠٩م
ژانرونه
ولا تحزن، وإن كنت مُعلّمًا فانظر إليه وهو يعلم أصحابه في صحن المسجد متواضعًا، وإن كنت واعظًا ناصحًا ومرشدًا أمينًا فاستمع إليه وهو يعظ الناس على أعواد المسجد النبوي، وإن أردت أن تقيم الحق وتصطع بالمعروف وأنت لا ناصر لك ولا معين فانظر إليه وهو ضعيف بمكة لا ناصر ينصره ولا معين يعينه إلا الله، ومع ذلك فهو يدعو إلى الحق ويعلن به، وإن هزمت عدوك وخضدت شوكته وقهرت عناده فظهر الحق على يديك وزهق الباطل واستتب لك الأمر فانظر إليه يوم فتح مكة وفتحها، وإن أردت أن تصلح أمور زراعتك وتقوم على ضياعك فانظر إليه ﵌ وقد ملك ضياع بني النظير وخيبر وفدك كيف دبر أمورها وأصلح شئونها وفوضها إلى من أحسن القيام عليها. (١)
وانظر بعينيك إلى الأفراد والأمم التي تتفق وتتآخى وتتعاون؛ كيف علت كلمتها وعظمت هيبتها، وتدبر القرآن الذي جاء فيه: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (٢)، وانظر بعينيك الأفراد والأمم الذين يختلفون ويتنافرون ويتنابزون ويتقاطعون ويستعلي بعضهم على بعض؛ كيف صار حالهم، وكيف تبدل عزهم إلى ذل، وغناهم إلى فقر، وجمعهم إلى شتات، وصدق الله حيث يقول: ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (٣) .
فهل آنَ لنا أن نسعى إلى إعمار الحياة بالحب والعمل، حب الفضيلة، لأنها تنعكس سرورًا وطمئنينة، فحب الناس، حب الخير للجميع، حب التعاون على البر والتقوى، حب التضحية والفداء والإيثار، حب الإخاء، ففي الحديث النبوي: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) (٤) .
أخي المحزون يا من مللت الحياة وسئمت العيش إن هناك فتحًا قريبًا إن الله مقلب القلوب، ثق بالله، وانظر إلى الحياة بجمالها وجلالها، واعلم بأن وعد الله آتٍ قريب، أليس الصبح بقريب، وتدبر قول الحق ﵎: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ (٥)، وقوله جل شأنه: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (٦)، فلا يهولنك تبجح غير المؤمنين بثروتهم أو بسلطانهم الذي اتاهم الله وما خولهم به من النعم فإن العزة والكرامة للمؤمنين من بني آدم فقوة الإيمان أسٌ للنجاح والظفر، وبالإيمان والعمل الصالح تنال الدرجات
(١) - انظر في ذلك السيرة النبوية للندوي ص٤٥٤و٤٥٥. (٢) - سورة آل عمران الآية (١٠٣) . (٣) - سورة الأنفال الآية (٤٦) . (٤) - أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الإيمان باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه حديث (١٢) . (٥) - سورة الأنفال الآية (٢٤) . (٦) - سورة الحج الآية (٤٠) .
1 / 94