177

هنا القرآن

هنا القرآن - بحوث للعلامة اسماعيل الكبسي

ژانرونه

الفصل والوصل في القصص القرآني

بعض من الآيات التي وردت في قصص الأنبياء وفي حوارهم مع أقوامهم يظنها المفسرون الأقدمون أنها من كلام الأنبياء مع أن المتأمل بإمعان يعرف أنها من كلام الله ولكن الأسلوب القرآني الجميل يدمج كلام الله مع كلام أوليائه ورسله وعباده الصالحين ليؤكد لنا أنهم مع ربهم فريق واحد وجهة واحدة ولا تفريق بين الله ورسله ولا نريد أن نستمر في الحديث النظري ولكن ندخل في التمثيل والإيضاح وتحديد هذه الآيات التي نريد وهي كما يلي:

(أ) سورة الأنعام

الآية (81) والتي تنتهي بقول إبراهيم عليه السلام لقومه: (فأي الفريقين أحق بالأمن). هنا ينتهي كلام إبراهيم أما الآية التي تلي فهي من قول الله وهي: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون).[82]. وهكذا يستمر كلام الله ويتوالى.

(ب) سورة إبراهيم

سنقرأ في الآيات الأول وهذه السورة الآية السادسة وهي قول موسى: (وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم). هنا ينتهي قول موسى، أما الآية التي بعدها وهي قوله: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد). [إبراهيم : 7]. أما هذه الآية فهي قول الله ولا تلحق بكلام موسى أنها خطاب من الله لنا وللناس أجمعين ولقد جاءت هنا معترضة بين حديث موسى إلى قومه للتنبيه على أن الشكر هو العصمة من عذاب الإنسان للإنسان وهو الحامي من الطغيان. وهو أسلوب جميل للتذكير ولهذا فلما عاد إلى حوار موسى مع قومه أعاد اسم موسى عليه السلام ولم يجعله ضميرا بل أعاده ظاهرا فقال: (وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد) [إبراهيم: 8]. وهنا ينتهي كلام موسى نهائيا. وفي آخر الآية الثانية من السورة بقوله (وويل للكافرين من عذاب شديد)ثم يبدأ خطاب جديد للقوم الذين أرسل إليهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهم الذين وصفهم الله بقوله قبل ذلك في الآية (3) من السورة: (الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد). ثم تخلل ذلك حكاية موسى ثم عاد إليهم ملتفتا من الغيبة إلى الخطاب فقال : (ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب ) [إبراهيم:9].وهكذا يستمر الحوار بينهم وبين رسلهم ولا نهاية. فإذا هو يختم بجملة هامة للبت في كلام الرسل ولكن من كلام الله ختم بها كلام رسله وأكد على قولهم ولنقرأه: (وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا) هنا ينتهي كلام الرسل فيختمه الله بقوله (وعلى الله فليتوكل المتوكلون) ليؤكد لنا أن إعلانهم التوكل عليه أولا هو الحق الذي يجب أن يتبعه كل المتوكلين عبر الزمن.

ولن نغادر سورة إبراهيم عليه السلام حتى نقف عند دعاء إبراهيم عليه السلام. فلقد قال ضمن دعائه (ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن)فأيد الله كلمته هذه بقوله (وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء) [إبراهيم:38].فالجزء الثاني من الآية هو من كلام الله هكذا يتضح وإن كان لا مانع من أن تكون من كلام إبراهيم.

(ج) سورة طه

لنقرأ قصة موسى في السورة لنجد حواره مع فرعون قد تخلله كلام ليس من كلام موسى ولكنه من كلام الله تأكيدا لقول موسى وإيضاحا لنا أن الخطاب من أي رسول كان هو خطاب لكل إنسان في كل زمان ومكان وأن ما يقوله الرسل إنما هو قول منه للعالمين. ولنقرأ: (قال فمن ربكما ياموسى * قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى * قال فما بال القرون الأولى * قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى) [طه: الآيات 49-50]. وهنا ينتهي كلام موسى ليبدأ كلام الله للعالمين فيقول:( الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى * كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى * منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) [طه:53-55].ثم نعود إلى سياق الحواريين موسى وفرعون فيقول: (ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى) [طه:56]. وهكذا نستمر حتى نصل إلى موقف السحرة الصلب وإيمانهم الصادق وقولهم لفرعون: (قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا(72) إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى) [طه: الآيات72-73].هنا ينتهي كلامهم ويبدأ كلام الله بقوله (إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا * ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلا * جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى) [طه: الآيات:72-73].

(د) سورة الشعراء

ناپیژندل شوی مخ