172

هنا القرآن

هنا القرآن - بحوث للعلامة اسماعيل الكبسي

ژانرونه

مقام إبراهيم

إن الناس يظنون كما قال المفسرون أن مقام إبراهيم هو المكان الذي يقع على يمين المبنى الذي بناه إبراهيم أو رفع قواعده. ولأن الناس يظنون هذا الظن فإنهم يزدحمون فيه عند الطواف ويشكلون أزمة تجعل الطواف عسيرا وهو سهل يسير. يا إخواني إن المراد بقوله تعالى (مقام إبراهيم) ليس إلا المنطقة كاملة فهي مقام ووطن لإبراهيم فيها أقام ، وفيها سكن ، بعضا من الزمن ، ولقد أشار الله إلى هذا بقوله حاكيا عن إبراهيم : (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة) إبراهيم 37 هذا يدل أن المسكن هو الوادي الواقع ضمن البيت الحرام ، إذن فالمنطقة كلها هي السكن وهي المقام ، ولقد علل إبراهيم إسكان بعض ذريته هنا في هذا الوادي الغير ذي زرع ، علل هذا الإسكان بقوله (ليقيموا الصلاة) فالإقامة ليست لمجرد العيش والعمران ، وليست لمجرد السعي والبحث عن المتاع ، كلا . بل المراد هو الطاعة لله واتباع هداه وتطهر البيت من الشرك والضلال ، ومن الظلم والإلحاد ، وإذا أقام الناس على هذا الطريق الجاد ، فإن الله يكفل لهم المعاش والزاد ، ولهذا جاء دعاء إبراهيم عقب التعليل فقال : (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) وهكذا أجاب الله دعاء إبراهيم وجعل البلد آمنا لكل باد ومقيم ،وجعله حرما آمنا ، وعلى هذا الأساس الذي علل به إبراهيم إسكان ذريته وهو إقامة الصلاة والطاعة والشكر لله ، جاءت آية البقرة ، جاءت الآية تؤكد هذه المعاني بشكل واضح البيان فاقرءوا بإمعان (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) إنه نفس ما دعا به إبراهيم ، فها هو البيت الحرام ، والبلد الحرام ، قد أصبح مثابة للناس ، فيتوبون إليه ، ويتعلمون منه ، ويقتدون بسلكه ومنسكه ، ثم هو مع المثابة آمن ، فمن دخله شكر وأقام الصلاة وهو في أمن لا يزول ، وسكون لا يتزلزل ، وسلوك جميل لا يتحول. إن كلمة (أمنا) في قوله (مثابة للناس وأمنا) تفصح بأن المنطقة كلها قد تجسد فيها الأمن وتجذر ، وتوارث الناس هذا السلوك فيه ، فهو بتغير حتى أصبح البلد كأنه هو الأمن بذاته ، وكأن كل ذرة فيه وكل شبر يشع بالأمن وكل شجرة وعشبة تثمر أمنا وكل نسائمه واحواشه تهب أمنا ، وفي هذا الحال والجو الجميل والأمن الأصيل والسكن الظليل لا بد أن يكون للناس فيه سلك جليل ، يليق بهذه الصفات التي لا تحول ، وعليه جاء الأمر المعجول.

وقبل أن تكمل الايات السياق وقبل أن يصل الوصف للبيت إلى نهاية المطاف انقطع السياق وانطلق الأثر بأجمل انطلاق ليؤكد أن الحال يستحق هذا أشد استحقاق فقال (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) أي اتخذوا من هذا البيت أي من هذا البلد أي من هذه المنطقة الحرام ، كما عرفنا ذلك من سياق الكلام ، اتخذوا من هذا البيت الذي هو مقام إبراهيم مصلى ، أي مقاما للعبادة والشكر والطاعة والذكر والتوحيد لله الواحد بلا شرك ولا زور. نعم هذا هو المراد ، إنه يعني أن تكون المنطقة كلها مصلى ، لكل الناس الذين جعل الله لهم البيت مثابة وأمنا ، أليس إبراهيم قد أسكن أهله هناك ليقيموا الصلاة ، إذن فهو القدوة ومثله فلنقم الصلاة ، ولنتخذ مقامه الواسع الكامل مصلى على الدوام تماما كما كان إبراهيم الإمام ، وإذن فليس المراد بمقام إبراهيم هو ذلك الموقع الذي نزدحم فيه بلا جدوى ، بل المراد به كل المنطقة الحرام التي أقام فيها إبراهيم واتخذها مصلى له ولذريته ، ولمن تبعه وبه اقتدى ،

ولهذا عاد السياق من جديد في الآية ليواصل البيان فيوضح لنا أن المقام مقام طاعة وإذعان وتوحيد وإيمان وطهر وتقوى وإحسان فجاء بعد الأمر (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) قوله تعالى: (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) فالعهد هذا يؤكد أن المقام هو البيت بكله وبكامله المعروف الحدود (للطائفين والعاكفين والركع السجود) فهو مقام واسع الأرجاء يشمل المنطقة الحرام بلا مراء وليس ذلك المقام المعهود للملأ . ثم إني أسألكم سؤالا لو سلمنا أن المراد بمقام إبراهيم هو ذلك المكان الذي يقابل الحجر الأسود وأن إبراهيم كما قيل كان يقوم فيه ليبني المبنى الذي فيه الحجر الأسود ، ومنه كان يضع الأحجار على المدماك ويرفعه ، وابنه إسماعيل يمكنه الأحجار ويناوله ، إذا سلمنا بهذا فكم كان طول ذراع إبراهيم وكم كان طول قامته حتى يتمكن من البناء وهو على هذا البعد من المبنى ؟؟ إن هذا ينفي الظنون ويؤكد أن المقام المدعى وهم موروث ، لا يعتمد على اليقين ، قد يقال أن عمر بن الخطاب أزاح مقام إبراهيم من جوار مبنى الحجر الأسود عدة أمتار ، وإلا فالأصل أنه كان قريبا من الجدار بحيث يمكن العمار من وضع الأحجار ، وإذا صح هذا فلماذا أزاحه عمر وهو يعلم أن هذا المقام شعيرة لا تغير ، وأثر لا تحول عما يؤثر ، إن إزاحته تؤكد أن الموضع ليس مقام إبراهيم وإنما هو شعيرة توارثها الناس غابرا عن غابر ، حتى أصبحت من الشعائر ، قد يقال أن النبي صلى هناك حينما اعتمر وتلى الآية (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) لكن الحديث ليس متواتر السند بل هو أحادي ، والأحادي معروف أن عمله ظني ، ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أراد الصلاة في محاذاة الحجر الأسود ، فكان المكان هو هذا المقام المدعى ، ثم أنه قد أراد بتلاوة الآية : أن مكة كلها تصلح مصلى ما دامت مقام إبراهيم المقتدى الذي اتخذها كلها له ولذريته مقاما لإقامة الصلاة فالنبي محمد به اقتدى لا لتحديد الصلاة في ذاك المكان ولكن ليذكر بإبراهيم الإمام ، وليؤكد أنه على ملته أتم الالتزام ، وبعد فهل نستطيع أن نبني على هذا ، إن مقام إبراهيم هو البلد الحرام كله وهو البيت الحرام بأكمله؟؟

لعلنا قد اتضح لنا أن هذا هو المراد وإذا أردتم المزيد من البرهان فها هو إبراهيم يأتي بالبيان في الآيات التي تلي فاقرءوا بإمعان: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) البقرة 126 إن البلد هنا هو البيت وهو المقام ها هو إبراهيم يشير إلى المقام ويقول رب اجعل هذا بلدا آمنا ويدعو لأهله بالرزق ويشترط الإيمان بالله واليوم الآخر فهل يمكن أن للمقام الصغير أهل وهم يسكنون فيه ويأكلون وهل يمكن أن ترد الثمرات إلى ذلك المقام الصغير المضنون كلا بل الذي يسكنه أهل وتأتيه ثمرات إنما مكان واسع الأرجاء ، في البلاد يتسع للمقيم والباد وله حدود من دخلها كان في حرم آمن من كل ظلم وإلحاد ومن كل باغ وعاد ، وعلى هذا فإن المقام هو هذا الذي أراده إبراهيم ملاذا . فكان الله معه مجيبا وجعل البيت مثابة وأمنا وجعل المقام مصلى طاهرا وجعل البلد آمنا موفور الأرزاق والأثمار تجيء إليه من كل الأقطار رزقا من لدن الله الغفار .

والآن أكتفي بهذا المقال حول المقام وأرجو أن القارئ قد اقتنع بالبرهان وبالكلام وإني لأدعو لي وله أن يكون إبراهيم لنا هو الإمام وأن تكون ملته لنا هي الملة فهي الإسلام .مقام إبراهيم ¶ إن الناس يظنون كما قال المفسرون أن مقام إبراهيم هو المكان الذي يقع على يمين المبنى الذي بناه إبراهيم أو رفع قواعده. ولأن الناس يظنون هذا الظن فإنهم يزدحمون فيه عند الطواف ويشكلون أزمة تجعل الطواف عسيرا وهو سهل يسير. يا إخواني إن المراد بقوله تعالى (مقام إبراهيم) ليس إلا المنطقة كاملة فهي مقام ووطن لإبراهيم فيها أقام ، وفيها سكن ، بعضا من الزمن ، ولقد أشار الله إلى هذا بقوله حاكيا عن إبراهيم : (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة) إبراهيم 37 هذا يدل أن المسكن هو الوادي الواقع ضمن البيت الحرام ، إذن فالمنطقة كلها هي السكن وهي المقام ، ولقد علل إبراهيم إسكان بعض ذريته هنا في هذا الوادي الغير ذي زرع ، علل هذا الإسكان بقوله (ليقيموا الصلاة) فالإقامة ليست لمجرد العيش والعمران ، وليست لمجرد السعي والبحث عن المتاع ، كلا . بل المراد هو الطاعة لله واتباع هداه وتطهر البيت من الشرك والضلال ، ومن الظلم والإلحاد ، وإذا أقام الناس على هذا الطريق الجاد ، فإن الله يكفل لهم المعاش والزاد ، ولهذا جاء دعاء إبراهيم عقب التعليل فقال : (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) وهكذا أجاب الله دعاء إبراهيم وجعل البلد آمنا لكل باد ومقيم ،وجعله حرما آمنا ، وعلى هذا الأساس الذي علل به إبراهيم إسكان ذريته وهو إقامة الصلاة والطاعة والشكر لله ، جاءت آية البقرة ، جاءت الآية تؤكد هذه المعاني بشكل واضح البيان فاقرءوا بإمعان (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) إنه نفس ما دعا به إبراهيم ، فها هو البيت الحرام ، والبلد الحرام ، قد أصبح مثابة للناس ، فيتوبون إليه ، ويتعلمون منه ، ويقتدون بسلكه ومنسكه ، ثم هو مع المثابة آمن ، فمن دخله شكر وأقام الصلاة وهو في أمن لا يزول ، وسكون لا يتزلزل ، وسلوك جميل لا يتحول. إن كلمة (أمنا) في قوله (مثابة للناس وأمنا) تفصح بأن المنطقة كلها قد تجسد فيها الأمن وتجذر ، وتوارث الناس هذا السلوك فيه ، فهو بتغير حتى أصبح البلد كأنه هو الأمن بذاته ، وكأن كل ذرة فيه وكل شبر يشع بالأمن وكل شجرة وعشبة تثمر أمنا وكل نسائمه واحواشه تهب أمنا ، وفي هذا الحال والجو الجميل والأمن الأصيل والسكن الظليل لا بد أن يكون للناس فيه سلك جليل ، يليق بهذه الصفات التي لا تحول ، وعليه جاء الأمر المعجول. ¶ وقبل أن تكمل الايات السياق وقبل أن يصل الوصف للبيت إلى نهاية المطاف انقطع السياق وانطلق الأثر بأجمل انطلاق ليؤكد أن الحال يستحق هذا أشد استحقاق فقال (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) أي اتخذوا من هذا البيت أي من هذا البلد أي من هذه المنطقة الحرام ، كما عرفنا ذلك من سياق الكلام ، اتخذوا من هذا البيت الذي هو مقام إبراهيم مصلى ، أي مقاما للعبادة والشكر والطاعة والذكر والتوحيد لله الواحد بلا شرك ولا زور. نعم هذا هو المراد ، إنه يعني أن تكون المنطقة كلها مصلى ، لكل الناس الذين جعل الله لهم البيت مثابة وأمنا ، أليس إبراهيم قد أسكن أهله هناك ليقيموا الصلاة ، إذن فهو القدوة ومثله فلنقم الصلاة ، ولنتخذ مقامه الواسع الكامل مصلى على الدوام تماما كما كان إبراهيم الإمام ، وإذن فليس المراد بمقام إبراهيم هو ذلك الموقع الذي نزدحم فيه بلا جدوى ، بل المراد به كل المنطقة الحرام التي أقام فيها إبراهيم واتخذها مصلى له ولذريته ، ولمن تبعه وبه اقتدى ، ¶ ولهذا عاد السياق من جديد في الآية ليواصل البيان فيوضح لنا أن المقام مقام طاعة وإذعان وتوحيد وإيمان وطهر وتقوى وإحسان فجاء بعد الأمر (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) قوله تعالى: (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) فالعهد هذا يؤكد أن المقام هو البيت بكله وبكامله المعروف الحدود (للطائفين والعاكفين والركع السجود) فهو مقام واسع الأرجاء يشمل المنطقة الحرام بلا مراء وليس ذلك المقام المعهود للملأ . ثم إني أسألكم سؤالا لو سلمنا أن المراد بمقام إبراهيم هو ذلك المكان الذي يقابل الحجر الأسود وأن إبراهيم كما قيل كان يقوم فيه ليبني المبنى الذي فيه الحجر الأسود ، ومنه كان يضع الأحجار على المدماك ويرفعه ، وابنه إسماعيل يمكنه الأحجار ويناوله ، إذا سلمنا بهذا فكم كان طول ذراع إبراهيم وكم كان طول قامته حتى يتمكن من البناء وهو على هذا البعد من المبنى ؟؟ إن هذا ينفي الظنون ويؤكد أن المقام المدعى وهم موروث ، لا يعتمد على اليقين ، قد يقال أن عمر بن الخطاب أزاح مقام إبراهيم من جوار مبنى الحجر الأسود عدة أمتار ، وإلا فالأصل أنه كان قريبا من الجدار بحيث يمكن العمار من وضع الأحجار ، وإذا صح هذا فلماذا أزاحه عمر وهو يعلم أن هذا المقام شعيرة لا تغير ، وأثر لا تحول عما يؤثر ، إن إزاحته تؤكد أن الموضع ليس مقام إبراهيم وإنما هو شعيرة توارثها الناس غابرا عن غابر ، حتى أصبحت من الشعائر ، قد يقال أن النبي صلى هناك حينما اعتمر وتلى الآية (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) لكن الحديث ليس متواتر السند بل هو أحادي ، والأحادي معروف أن عمله ظني ، ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أراد الصلاة في محاذاة الحجر الأسود ، فكان المكان هو هذا المقام المدعى ، ثم أنه قد أراد بتلاوة الآية : أن مكة كلها تصلح مصلى ما دامت مقام إبراهيم المقتدى الذي اتخذها كلها له ولذريته مقاما لإقامة الصلاة فالنبي محمد به اقتدى لا لتحديد الصلاة في ذاك المكان ولكن ليذكر بإبراهيم الإمام ، وليؤكد أنه على ملته أتم الالتزام ، وبعد فهل نستطيع أن نبني على هذا ، إن مقام إبراهيم هو البلد الحرام كله وهو البيت الحرام بأكمله؟؟ ¶ لعلنا قد اتضح لنا أن هذا هو المراد وإذا أردتم المزيد من البرهان فها هو إبراهيم يأتي بالبيان في الآيات التي تلي فاقرءوا بإمعان: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) البقرة 126 إن البلد هنا هو البيت وهو المقام ها هو إبراهيم يشير إلى المقام ويقول رب اجعل هذا بلدا آمنا ويدعو لأهله بالرزق ويشترط الإيمان بالله واليوم الآخر فهل يمكن أن للمقام الصغير أهل وهم يسكنون فيه ويأكلون وهل يمكن أن ترد الثمرات إلى ذلك المقام الصغير المضنون كلا بل الذي يسكنه أهل وتأتيه ثمرات إنما مكان واسع الأرجاء ، في البلاد يتسع للمقيم والباد وله حدود من دخلها كان في حرم آمن من كل ظلم وإلحاد ومن كل باغ وعاد ، وعلى هذا فإن المقام هو هذا الذي أراده إبراهيم ملاذا . فكان الله معه مجيبا وجعل البيت مثابة وأمنا وجعل المقام مصلى طاهرا وجعل البلد آمنا موفور الأرزاق والأثمار تجيء إليه من كل الأقطار رزقا من لدن الله الغفار . ¶ والآن أكتفي بهذا المقال حول المقام وأرجو أن القارئ قد اقتنع بالبرهان وبالكلام وإني لأدعو لي وله أن يكون إبراهيم لنا هو الإمام وأن تكون ملته لنا هي الملة فهي الإسلام .

المسجد الحرام

إن المسجد الحرام كلمة وردت كثيرا في القرآن وهي في مفهوم المفسرين تعني المكان الذي يطوف فيه الناس ويسجدون وفيه يتعبدون ويجتمعون ، أو فلقد كانوا يعنون بالمسجد الحرام هذا المبنى الذي يحيط بالصحن المعد للطواف ، والذي يتوسطه المبنى الأصغر الذي بناه إبراهيم ورفع قواعده فهل هذا الفهم صحيح ، تعالوا نقرأ القرآن : يقول الله (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) الإسراء 1 ، لنتأمل الآيات بإمعان ولنسأل أولا هل الإسراء تم من المسجد الحرام المتعارف عليه بيننا بأنه المبنى المعد للصلاة والطواف؟؟ إن الجواب على السؤال بلا شك يؤكد أن الإسراء تم من مكة أو من بيت من بيوت مكة ، لا من المسجد الذي للصلاة المعهودة ثم هل كان المبنى الذي كان يجتمع فيه القرشيون حول الأصنام مسجدا لله؟ وهل كان فيه صلاة؟؟ كلا. بل الله يقول (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) الأنفال 35 إذن (المسجد الحرام) ليس المراد به إلا البلد الأمين بكامله ومحتواه ، ولا يقصد به إلا البيت الحرام بمعناه الذي عرفناه ، لقد أسري بالنبي من المنطقة التي هي مكة أو البلد المسمى بالمسجد الحرام ، قد تسألون ولماذا سمي بالمسجد الحرام ؟ وأنا أسأل هل وصف المسجد بأنه حرام يعني أن الحرم مقصور على المبنى؟؟ إذا كان المسجد هو المبنى فإن هذا يعني أن الحرم محدد به وهذا غير صحيح فالحرم هو البلد الكامل الشامل المناطق الحرام كلها ، التي يعرف الناس حدودها ، وبدايتها ونهايتها ، بلا لبس ولا خلاف ، وعليه فالمسجد المراد به كل المنطقة الحرام .

أما لماذا سمي مسجدا فهو لأنه محل للطاعة والخضوع والانقياد لله والخشوع والتزام سلوك معين معهود للناس مشروع ، فلا رفث فيه ولا فسوق ولا جدال ولا خصام ولا اعتداء ولا قتال ، بل سلام واطمئنان لكل مقيد وباد. ومن يرد فيه بإلحاد ، فأن العذاب له بالمرصاد ، وهكذا سمي البلد مسجدا ، ووصف بأنه الحرام ، لأنه هكذا محكوم فيه بالطاعة والالتزام وهو معهود للناس بشكل عام ، سواء من كفر وغادر الإسلام ، ومن استجاب بعد ذلك للإسلام ، فهو المسجد الحرام ، الذي حكمه معروف ، والتحريم فيه مألوف ، والقتل فيه مكفوف ، وهو بالاحترام محفوف ، فالمسجد الحرام هو البلد بكله ، والمسجد الحرام هو المنطقة الحرام الكاملة.

ثم هل هناك حين أسري بالنبي مسجد في القدس ، كلا بل كان هناك كنائس وأديره لليهود والنصارى ، فلماذا سمي إذن المسجد الأقصى؟ لأنه مقام عبادة وطاعة لله ، ومحط سلام واطمئنان ، فالسجود يعني الخضوع والاستسلام والمسجد يعني موطن التمسك بذلك والالتزام ، فهو المسجد الأقصى ، أي المكان أو البلد الذي يحترم فيه الناس بعضهم بعضا. ثم إذا كان المراد بالمسجد الأقصى هو الكنائس والأديرة والبيع النصرانية فلماذا وصف بالأقصى؟

ناپیژندل شوی مخ