يا للعظمة! كيف يشمخ الصدق والإخلاص لله؟ وكيف يتصاغر المكر والكيد بعباد الله؟!
ولهذا يعلن يوسف إنه لم يصر على سؤالهن قبل الخروج إلا ليؤكد للناس أنه لم يخن أمانته في قصر العزيز:
(ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) [يوسف:52].
ولكنه مع ذلك لا يعيد الفضل لقوته وعزمه، بل يعيده إلى الله، أما نفسه فهي ضعيفة فلولا عون الله لها لتلونت بالسوء كغيرها:
(وما أبرئ نفسي إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) [يوسف:53].
إن ربه في نفسه فهو به معتصم وهو به يسترحم فكان معه عاصما راحما وغافرا عليما.
وهذا مقام يدعو إلى الإعجاب والذهول والاشتياق لرؤية هذا الرجل النادر المثيل، وإنه لجدير بأن يكون في مقام خاص به وفي مكان يعتمد عليه ويوثق به:
(وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين) [يوسف:54].
نعم هذا هو الذي يجب ويكون مع هذا النوع من الرجال، وهذا هو الذي تدلي إليه الأحداث، وتدل عليه الأعمال، فهو لم يتغير في كل حال، بل ظل متمسكا بربه ذي الجلال، فأصبح يتصف بأجمل الصفات ويختص بأرقى الخصال، فهو مكين أمين عند الملك مقبول المقال، مصدق في كل حال.
وأمام هذه الثقة المطلقة التي لمسها يوسف الصديق تقدم لتنفيذ الخطة والتطبيق، فليس إلا هو يتحمل ويطيق. أليس هو المكين الأمين والصديق؟
ناپیژندل شوی مخ