157

هنا القرآن

هنا القرآن - بحوث للعلامة اسماعيل الكبسي

ژانرونه

إذن فالخطاب لهم وهم في الصحراء وهم لم يستقروا في أرض ولم يهبطوا مدينة أو مصرا ليؤسسوا ما نسميه (ملكا) أو دولة بل لا يزالون مهاجرين مسافرين.

ولكنا مع ذلك نسمع موسى عليه السلام يقول لهم في الآية الأولى (اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا).

فماذا تعني كلمة (ملوكا)؟ وحالهم كما عرفنا وكما تدل الآية أنها لا تعني إلا العلم أي أن الله أنعم عليهم بالدين وأنعم عليهم بأن جعلهم أبناء الأنبياء يوسف وإخوته وآبائهم يعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم السلام.

وإذن فهم ورثوا الملك أي العلم من هؤلاء الملوك أي العلماء ومن المعروف أنهم جميعا قد أوتوا العلم من ربهم واختصهم الله بأن جعل في ذرية إبراهيم النبوة والكتاب فلا غرو أن يكون بنو إسرائيل في عصر موسى وارثين بعض هذا العلم والنبوة من آبائهم الذين أوتوا الملك فهم ملوك فعلا لأنهم علماء وكيف لا والعلم الذي لديهم يفوق علم الناس الذين لا يعلمون شيئا إلا ظاهرا من الحياة الدنيا (وهم عن الآخرة هم غافلون) وبهذا يختم الآية بقوله:

وهكذا ننال المراد في المائدة هنيئا مريئا ونقطف المعنى واضحا سهلا ونسلم من المتاهات التي تاه فيها المفسرون حول معنى الكلمة في الآية، واحتاروا فيا حيرة خرجوا معها بدون معنى ولا مراد واحتاروا في كل آية وردت فيها هذه الكلمة.

إن التفسير الذي رجحناه للكلمة بالتأمل والإمعان هو الذي يتفق مع سياق القرآن فالله لا يمتن على عباده الصالحين إلا بالعلم وهو الملك الحقيقي الذي يعتز به ويسمو به الإنسان.

وقد تتساءلون كيف أتيت بهذا المعنى للكلمة؟

إني لم أجزم بهذا المعنى للكلمة إلا بعد تأمل وإمعان في كلما وردت فيه الكلمة من آيات القرآن.

ثم إن الباحث المدقق في اللغة وفي القرآن سيجد أن القرآن يستعمل الكلمات في الآيات بحسب مدلولها اللغوي الأصلي لا بحسب مدلولها العرفي المتداول.

فالناس مثلا قد تعارفوا أن السكر ملازم لشرب الخمر وأن كلمة سكارى تعني متأثرين بالخمر، لكن المتأمل في أصل اللغة يجد أن الكلمة تعني الإغلاق والحجب والحيلولة بين شيء وشيء فالتسكير هو الحجب والحيلولة بينهم.

ناپیژندل شوی مخ