نعم إنه تنزيل من رب العالمين وهو الحق من ربك، فما هو هذا الرب؟ ها هو البيان:
( الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون * يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون * ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم * الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين * ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين * ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون) صدق الله العظيم [السجدة: 1-9].
أرأيتم كيف أتبع الخبر بإنزال القرآن بأهم صفات العلم؟ فهو(من رب العالمين) ورب العالمين لا تعني إلا الإحاطة بكل شيء والقرب من كل مخلوق والتدبير لكل صغير وكبير ونجم وقطمير، ثم أوضح وبين ما أجمل في (رب العالمين) بقوله:
(الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش)
فالخلق يعني الإبداع والابتكار على غير سابق مثال، وحفظ كل مخلوق وإمساكه عن الزوال، والقدرة على تسييره والهيمنة عليه في كل حين وحال.
أما الاستواء على العرش فهو يعني الاستمرار في العلم بما خلق والإصلاح لكل ما جل ودق، والإجابة لكل من دعى وعلى الباب دق، ولهذا قال: (ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون)
فهو الولي الذي يدعى ويرجى ويخشى وهو الشفيع الذي بيده الأسباب وهو الذي يأذن لها بالنفع أو الضرر، وبدون ذلك ليس لها أثر، وهذا معلوم لمن تذكر (أفلا تتذكرون) فتدركون أن كل سبب وأثر بيد الله وأنه هو العليم بحال كل شيء، والرحيم بكل شيء وحي، وه والغني وإليه يفتقر الجميع (ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم) ومع علمه ورحمته وحكمه وقدرته فهو (الذي أحسن كل شيء خلقه) ثم خص الإنسان بما يميزه عن سواه، وفي حسن تقويمه سواه، وحسب الإنسان وكفاه تكريما أنه نفخ فيه من روحه وأعلا شأنه عنده، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، ألا أن هذا الذي أحسن الخلق وصور، لجدير بأن يشكر، وما الشكر إلا أن يعبد ويحمد ويرجى ويقصد وعلى هداه يعتمد، ألا وإن القرآن هو الهدى الذي جاء فيه علم الله وحكمته للإنسان، لينال به السلام والسعادة والأمان.
ولكن الله العليم بما كان وما يكون يصفنا بقوله (قليلا ما تشكرون)
وذلك هو الخسران وهو الحرمان من العلم الذي يأتيه من الرحمن إنها هذه الآيات دعوة للإنسان ليقبل على هذا العلم الذي خصه به عالم الغيب والشهادة تفضلا منه ورحمة بعباده وإلا فهو الغني عمن كفر والعزيز عن كل البشر.
لكنه رحيم بهم وإن يشكروا يرضه لهم، بل ومن فضله يزيدهم.
ناپیژندل شوی مخ