126

في قفزة تحولية حادة يأخذنا هوميروس إلى العالم السفلي. يرشد هيرميس أرواح الخطاب إلى مروج أسفوديل. وهناك يلتقون بروحي أجاممنون وآخيل تتبادلان الحديث فيما بينهما. يصف أجاممنون جنازة آخيل المهيبة، وهو مثال جيد على كيفية ترتيب «الأوديسة» للتفاصيل المنسية من «الإلياذة». ولما كانت «الأوديسة» تشير إلى «الإلياذة» بهذه الطريقة الذاتية الوعي، وليس العكس، يعتقد الجميع أن «الأوديسة» متأخرة عن «الإلياذة» (وهي الحقيقة الوحيدة عن قصائد هوميروس التي يتفق عليها «الجميع »). يشكو أجاممنون، الذي وضعت قصته كقصة موازية لقصة أوديسيوس في الأبيات الأولى من القصيدة، من قدره ، الذي هو نقيض قدر أوديسيوس. مجددا، «فتش عن المرأة».

يسأل أجاممنون الخاطب أمفيميدون عما حدث، وللمرة الثالثة نسمع قصة مؤامرة بينيلوبي. ومثلما أجمل هوميروس في خطوط عريضة مغامرات أوديسيوس في حديث الفراش بينه وبين بينيلوبي، في هذا المشهد يجمل قصة عودة أوديسيوس. يعتقد أمفيميدون أن بينيلوبي كانت مشتركة في المؤامرة من البداية (وهو الحال الذي ربما كانت عليه في صيغ أخري)، ولكننا نعرف أنها لم تكن كذلك.

في تلك الأثناء، كان أوديسيوس قد عثر على والده المسن السقيم ليرتيس في البستان. يلوعه أوديسيوس بذكريات الماضي عن ابنه المفقود، ويروي له حكاية ملفقة جديدة، مدعيا الآن أنه من صقلية، ثم يكشف عن شخصيته عن طريق الندبة وعن طريق ذكرى الأشجار التي أعطاها له ليرتيس. وكان هذا التوقيت مناسبا؛ إذ إن أهل المدينة يعرفون الآن بما قد جرى.

احتج نقاد كثيرون على النهاية الفاترة لملحمة «الأوديسة»، ولكن النهاية الفاترة أسلوب لدى هوميروس. وختام «الإلياذة» فاتر كذلك؛ «وهكذا دفنوا هيكتور مروض الخيول.» لا يمكنك أن تقتل زهرة شباب الجزر دون عاقبة، وعندما تهاجم عائلات الخطاب القتلى، يقودهم والد الخاطب الرئيسي أنطونيوس، أوديسيوس ومعه الآن تسعة رجال آخرون، يضع ليرتيس، المنتشي بعودة ابنه، رمحا في دماغ الرجل. يمكن للآلهة أن تقف خلف الأحداث، وبناء على إلحاح من أثينا يرمي زيوس صاعقة بين الفريقين. وهو ما جعلهم يتوقفون فجأة عما يقومون به. لقد عاد أوديسيوس. وهو زوج بينيلوبي. وهو سيد إيثاكا، التي هي أرض لا تصلح للخيول. وتنتهي القصة.

الفصل السادس

الخاتمة والملخص:

قصيدتا هوميروس المتكاملتان

لا يبتدئ الأدب الحديث بالقصائد الهوميرية؛ لأن القصائد الهوميرية تنبع من مصدر ما. فلم يكن ممكنا لها أن تظهر للوجود من دون تقليد بلاد ما بين النهرين في السرد القصصي الذي كان يبلغ آلاف السنين في زمن العصر الحديدي اليوناني. ويدين بالكثير، أيضا، لتقاليد يونانية أصلية وللنفوذ الاجتماعي لطبقة أرستقراطية محاربة، كانت تقدر الماضي كقدوة للحاضر واعتبرت الماضي زمنا تقاتل فيه أسلافهم في حرب طروادة أو في الحرب على طيبة؛ فالأرستقراطيون اليونانيون، في النهاية، حظوا بنفوذهم في المجتمع من خلال البراعة العسكرية و«النزاهة» الفائقة (النزاهة باللاتينية تعني

virtus

التي يكافئ معناها «الرجولة/الشهامة»). فعندما يقف محارب في مواجهة مباشرة مع العدو، فيقتل أو يقتل، يعرف أصدقاؤه بالأمر ويحترمونه لرجولته. عندما يكون الأمر اليقيني الوحيد في الحياة هو نهايتها، وهو ما قد يكون أمرا مريعا، فعلى الأقل يمكن للرجل أن يتصرف كرجل ويواجه الموت القادم يقينا. وكل المحاربين ملزمون بفهم الأمر نفسه. لا أحد يعرف ما يفكر فيه الرجل العادي، ربما فيما عدا الفورة الفاحشة للشخصية المستهجنة ثرسيتيس، الذي استهزئ به وضرب ليكون عبرة لأي أحد آخر تراوده رغبة مقيتة مماثلة في «مماحكة سادة القوم [

ناپیژندل شوی مخ