حلل سندسي
الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)
ژانرونه
Benlliure
وإضرابهما، فأتقنوا الصور التاريخية، وفق هوى الأسبانيول في الغرام بالماضي المجيد، والافتتان بالعظيم والمحزن والمناظر القاسية. ثم ظهر المصور «فورتوفي»
Fortuny
وهو من كتلونية، اعتنى بالحياة العصرية، وكان له ملكة تامة في إيجاد تناسب الألوان، على نمط نساجي خراسان وكشمير. وبالجملة فالأسبانيول أصحاب دولة في التصوير والنحت، وربما كانوا أدرى بتمثيل أحوالهم الداخلية، والأشكال التي ترتاح إليها نفوسهم من سائر الأمم، ولو كان الآخرون أعلى منهم كعبا في الفنون النفيسة على وجه العموم. (2) كلام القاضي أبي القاسم صاعد بن أحمد الأندلسي الطليطلي
المتوفى سنة 462 وذلك عن الأندلس العربية في كتابه «طبقات الأمم»
قال تحت عنوان «العلوم في الأندلس»: وأما الأندلس فكان فيها أيضا بعد تغلب بني أمية عليها جماعة عنيت بطلب الفلسفة، ونالت أجزاء كثيرة منها، وكانت الأندلس قبل ذلك في الزمان القديم خالية من العلم، لم يشتهر عند أهلها أحد بالاعتناء به إلا أنه يوجد فيها طلسمات قديمة في مواضع مختلفة، وقع الإجماع على أنها من عمل ملوك رومية، إذ كانت الأندلس منتظمة بمملكتهم.
ولم تزل على ذلك عاطلة من الحكمة إلى أن افتتحها المسلمون في شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين من الهجرة، فتمادت على ذلك أيضا لا يعني أهلها بشيء من العلوم إلا بعلوم الشريعة، وعلم اللغة، إلى أن توطد الملك لبني أمية ، بعد عهد أهلها بالفتنة، فتحرك ذوو الهمم منهم لطلب العلوم، وتنبهوا لإشارة الحقائق على حسب ما يأتي ذكره بعد إن شاء الله تعالى.
وأما دين أهل الأندلس فدين الروم من الصابئة أولا ثم النصرانية إلى أن افتتحها المسلمون في التاريخ الذي ذكرناه، وأما ملكهم فكان لطوائف من الأمم مختلفة، تداولوها أمة بعد أمة، فمن تلك الأمم الروم وكان عمالهم ينزلون مدينة طالقة العتيقة المجاورة لأشبيلية. واتصل ملكهم بها زمنا طويلا إلى أن غلبتهم عليها القوط. فانتسخ الملك الرومي منها، واتخذ القوط مدينة طليطلة، من مدائنها العتيقة قاعدة لملكه، وملكوا الأندلس أفخم ملك قريبا من ثلاثمائة سنة، إلى أن غلبهم المسلمون عليها في التاريخ الذي قدمنا ذكره، واقتعد ملوكهم قرطبة وطنا، ولم تزل مركزا لملك المسلمين بها إلى زمان الفتنة، وانتشار الأمر على بني أمية. فافترق عند ذلك شمل الملك بالأندلس، وصار إلى عدة من الرؤساء، حالهم كحال الطوائف من الفرس.
وأما حدود الأندلس، فإن حدها الجنوبي منها الخليج الرومي، الخارج مما يقابل طنجة في موضع يعرف بالزقاق، سعته اثنا عشر ميلا، ثم ينتهي إلى مدينة صور من مدائن الشام. وحداها الشمالي والغربي، البحر الأعظم المسمى أوقيانوس المعروف عندنا ببحر الظلمة. وحدها الشرقي الجبل الذي فيه هيكل الزهرة الواصل ما بين البحرين: بحر الروم، والبحر الأعظم، ومسافة ما بين البحرين في هذا الجبل ثلاث مراحل، وهو الحد الأصغر من حدود الأندلس، وحداها الأكبران الجنوبي والشمالي، ومسافة كل واحد منهما نحو ثلاثين مرحلة، ومسافة حدها الغربي نحو من عشرين مرحلة، ووسط الأندلس مدينة طليطلة العتيقة، التي كانت قاعدة القوط. وعرضها 39 درجة و50 دقيقة، وطولها 28 درجة بالتقريب، فصارت بذلك في التقريب من وسط الإقليم الخامس، وهي في وقتنا هذا الذي هو سنة ستين وأربعمائة قاعدة الأمير أبي الحسن يحيى بن إسماعيل بن عامر بن مطرف بن موسى بن ذي النون عظيم ملوك الأندلس. وأقل بلاد الأندلس عرضا المدينة المعروفة بالجزيرة الخضراء، على البحر الجنوبي منها، وعرضها 36 درجة، وأكثر مدنها عرضا بعض المدائن التي على ساحلها الشمالي، وعرض ذلك الموضع 43 درجة ، فمعظم الأندلس في الإقليم الخامس، وطائفة منها في الإقليم الرابع، كأشبيلية، ومالقة، وقرطبة، وغرناطة، والمرية، ومرسية. وهذا الجبل الذي ذكرنا فيه هيكل الزهرة الذي هو الحد الشرقي من الأندلس، هو الحاجز ما بين الأندلس وبين بلاد أفرنسا من الأرض الكبيرة، التي هي بلاد إفرنجة العظمى والأندلس آخر المعمور في المغرب، لأنها كما ذكرنا منتهية إلى بحر الأوقيانوس الأعظم. ا.ه.
الفصل الرابع
ناپیژندل شوی مخ