172

حلل سندسي

الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)

ژانرونه

ويعني بالمدام النهر.

ولما قال والده السلطان يوسف بن عبد المؤمن لأبي عمران موسى بن سعيد العنسي: ما عندك في قرطبة؟ قال له: ما كان لي أن أتكلم حتى أسمع مذهب أمير المؤمنين فيها. فقال السلطان: إن ملوك بني أمية حين اتخذوها حضرة مملكتهم لعلى بصيرة: الديار المنفسحة الكبيرة، والشوارع المتسعة، والمياني الضخمة المشيدة، والنهر الجاري، والهواء المعتدل، والخارج الناضر، والمحرث العظيم، والشعراء الكافية والتوسط بين شرق الأندلس وغربها. قال فقلت: ما أبقى لي أمير المؤمنين ما أقول!

قال ابن سعيد: ولأهلها رياسة ووقار، لا تزال سمة العلم والملك متوارثة فيهم، إلا أن عامتها أكثر الناس فضولا، وأشدهم تشغيبا، ويضرب بهم المثل، ما بين أهل الأندلس، في القيام على الملوك، والتشنيع على الولاة، وقلة الرضا بأمورهم ، حتى أن السيد أبا يحيى أخا السلطان يعقوب المنصور قيل له لما انفصل عن ولايتها: كيف وجدت أهل قرطبة؟ فقال مثل الجمل، إن خففت عنه الحمل صاح، وإن أثقلته صاح، ما ندري أين رضاهم فنقصده، ولا أين سخطهم فنجتنبه، وما سلط الله عليهم حجاج الفتنة، حتى كان عامتها شرا من عامة العراق

560

وإن العزل عنها لما قاسيته من أهلها عندي ولاية، وإني، إن كلفت العود إليها، لقائل: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين! انتهى.

وقال أبو الفضل التيفاشي: جرت مناظرة بين يدي ملك المغرب المنصور يعقوب بين الفقيه أبي الوليد بن رشد، والرئيس أبي بكر بن زهر. فقال ابن رشد لابن زهر في تفضيل قرطبة: ما أدري ما تقول؟ غير أنه إذا مات عالم بأشبيلية فأريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها، وإن مات مطرب بقرطبة فأريد بيع آلاته حملت إلى أشبيلية. قال وقرطبة أكثر بلاد الله كتبا

561

انتهى.

وحكى الإمام ابن بشكوال عن الشيخ أبي بكر بن سعادة أنه دخل مدينة طليطلة مع أخيه على الشيخ الأستاذ أبي بكر المخزومي. قال: فسألنا: من أين؟ فقلنا: من قرطبة. فقال: متى عهدكما بها؟ فقلنا: الآن وصلنا منها. فقال: أقربا إلي أشم نسيم قرطبة فقربنا منه فشم رأسي وقبله وقال لي أكتب:

أقرطبة الغراء هل لي أوبة

ناپیژندل شوی مخ