209

حجة الله البالغة

حجة الله البالغة

پوهندوی

السيد سابق

خپرندوی

دار الجيل

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

سنة الطبع

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

وَبعدهَا الزُّهْرِيّ وَالْقَاضِي يحيى بن سعيد وَرَبِيعَة بن عبد الرَّحْمَن فِيهَا، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح بِمَكَّة، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ، بِالْكُوفَةِ، وَالْحسن الْبَصْرِيّ بِالْبَصْرَةِ، وَطَاوُس بن كيسَان بِالْيمن، وَمَكْحُول بِالشَّام، فأظمأ الله أكبادا إِلَى علومهم، فرغبوا فِيهَا، وَأخذُوا عَنْهُم الحَدِيث وفتاوى الصَّحَابَة وأقاويلهم، ومذاهب هَؤُلَاءِ الْعلمَاء وتحقيقاتهم من عِنْد أنفسهم، واستفتى مِنْهُم المستفتون، ودارت الْمسَائِل بَينهم، وَرفعت إِلَيْهِم الْأَقْضِيَة، وَكَانَ سعيد بن الْمسيب وَإِبْرَاهِيم وأمثالهما جمعُوا أَبْوَاب الْفِقْه أجمعها، وَكَانَ لَهُم فِي كل بَاب أصُول تلقوها من السّلف، وَكَانَ سعيد وَأَصْحَابه يذهبون إِلَى أَن أهل الْحَرَمَيْنِ أثبت النَّاس فِي الْفِقْه، وأصل مَذْهَبهم فَتَاوَى عبد الله بن عمر وَعَائِشَة وَابْن عَبَّاس، وقضايا قُضَاة الْمَدِينَة، فَجمعُوا من ذَلِك مَا يسره الله لَهُم، ثمَّ نظرُوا فِيهَا نظر اعْتِبَار وتفتيش، فَمَا كَانَ مِنْهَا مجمعا عَلَيْهِ بَين عُلَمَاء الْمَدِينَة فَإِنَّهُم يَأْخُذُونَ عَلَيْهِ بنواجذهم، وَمَا كَانَ فِيهِ اخْتِلَاف عِنْدهم، فَإِنَّهُم يَأْخُذُونَ بأقواها وأرجحها إِمَّا بِكَثْرَة من ذهب إِلَيْهِ مِنْهُم أَو لموافقته بِقِيَاس قوى أَو تَخْرِيج صَرِيح، من الْكتاب وَالسّنة أَو نَحْو ذَلِك، وَإِذا لم يَجدوا فِيمَا حفظوا مِنْهُم جَوَاب الْمَسْأَلَة خَرجُوا من كَلَامهم وتتبعوا الْإِيمَاء والاقتضاء،
فَحصل لَهُم مسَائِل كَثِيرَة فِي كل بَاب بَاب، وَكَانَ إِبْرَاهِيم وَأَصْحَابه يرَوْنَ أَن عبد الله بن مَسْعُود وَأَصْحَابه أثبت النَّاس فِي الْفِقْه كَمَا قَالَ عَلْقَمَة لمسروق: هَل أحد مِنْهُم أثبت من عبد الله؟ وَقَول أبي حنيفَة ﵁ للأوزاعي إِبْرَاهِيم أفقه من سَالم، وَلَوْلَا فضل الصُّحْبَة لَقلت أَن عَلْقَمَة أفقه من عبد الله ابْن عَمْرو وَعبد الله - هُوَ عبد الله - وأصل مذْهبه فَتَاوَى عبد الله بن مَسْعُود وقضايا عَليّ ﵄ وفتاواه وقضايا شُرَيْح وَغَيره من قُضَاة الْكُوفَة، فَجمع من ذَلِك مَا يسره الله. ثمَّ صنع فِي آثَارهم كَمَا صنع أهل الْمَدِينَة فِي آثَار أهل الْمَدِينَة، وَخرج كَمَا خَرجُوا، فلخص لَهُ مسَائِل الْفِقْه فِي كل بَاب بَاب. وَكَانَ سعيد بن الْمسيب لِسَان فُقَهَاء الْمَدِينَة، وَكَانَ أحفظهم لقضايا عمر وَلِحَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَإِبْرَاهِيم لِسَان فُقَهَاء الْكُوفَة، فَإِذا تكلما بِشَيْء، وَلم ينسباه إِلَى أحد فَإِنَّهُ فِي الْأَكْثَر مَنْسُوب إِلَى أحد من السّلف صَرِيحًا أَو إيما وَنَحْو ذَلِك، فَاجْتمع عَلَيْهِمَا فُقَهَاء بلدهما وَأخذُوا عَنْهُمَا وعقلوه وَخَرجُوا عَلَيْهِ وَالله أعلم.

1 / 248