حجة الله البالغة

Shah Waliullah Dehlawi d. 1176 AH
163

حجة الله البالغة

حجة الله البالغة

پوهندوی

السيد سابق

خپرندوی

دار الجيل

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

سنة الطبع

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

النَّفس بَعْضًا، وعَلى حسبها يَقع تشبح الْمعَانِي فِي الْمَنَام كَمَا يظْهر منع الْمُؤَذّن النَّاس عَن الْجِمَاع وَالْأكل بِصُورَة الْخَتْم على الْفروج والأفواه، ثمَّ إِن فِي عَالم الْمِثَال مناسبات تبنى عَلَيْهَا الْأَحْكَام، فَمَا ظهر جِبْرِيل فِي صُورَة دحْيَة دون غَيره إِلَّا لِمَعْنى، وَلَا ظَهرت النَّار على مُوسَى ﵇ إِلَّا لِمَعْنى، فالعارف بِتِلْكَ المناسبات يعلم أَن جَزَاء هَذَا الْعَمَل فِي أَي صُورَة يكون، كَمَا أَن الْعَارِف بِتَأْوِيل الرُّؤْيَا يعرف أَنه أَي معنى ظهر فِي صُورَة مَا رَآهُ. وَبِالْجُمْلَةِ فَمن هَذَا الطَّرِيق يعلم النَّبِي ﷺ أَن الَّذِي يكتم الْعلم، ويكف نَفسه عَن التَّعْلِيم عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ يعذب بلجام من نَار، لِأَنَّهُ تألمت النَّفس بالكف، واللجام شبح الْكَفّ وَصورته، وَالَّذِي يحب المَال، وَلَا يزَال يتَعَلَّق بِهِ خاطره يطوق بِشُجَاعٍ أَقرع، وَالَّذِي يتعانى فِي حفظ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير والأنعام، ويحوط بهَا عَن الْبَذْل لله يعذب بِنَفس تِلْكَ الْأَشْيَاء على مَا تقرر عِنْدهم من وَجه التأذي، وَالَّذِي يعذب نَفسه بحديدة أَو سم، وَيُخَالف أَمر الله بذلك يعذب بِتِلْكَ الصُّورَة، وَالَّذِي يكسو الْفَقِير يكسى يَوْم الْقِيَامَة من سندس الْجنَّة، وَالَّذِي يعْتق مُسلما ويفك رقبته عَن آفَة الرّقّ الْمُحِيط بِهِ يعْتق بِكُل عُضْو مِنْهُ عُضْو مِنْهُ من النَّار. وَمِنْهَا تَشْبِيه ذَلِك الْعَمَل بِمَا تقرر فِي الأذهان حسنه أَو قبحه، أما من جِهَة الشَّرْع أَو الْعَادة وَفِي ذَلِك لَا بُد من أَمر جَامع بَين الشَّيْئَيْنِ مُشْتَرك بَينهمَا وَلَو بِوَجْه من الْوُجُوه، كَمَا شبه المرابط فِي الْمَسْجِد بعد صَلَاة الصُّبْح إِلَى طُلُوع الشَّمْس بِصَاحِب حجَّة وَعمرَة، وَشبه الْعَائِد فِي هِبته بالكلب الْعَائِد فِي قيئه، ونسبته إِلَى المحبوبين أَو المبغوضين، وَالدُّعَاء لفَاعِله أَو عَلَيْهِ، وكل ذَلِك يُنَبه على حَال الْعَمَل إِجْمَالا من غير تعرض لوجه الْحسن أَو الْقبْح كَقَوْل الشَّارِع: تِلْكَ صَلَاة الْمُنَافِق، وَلَيْسَ منا من فعل كَذَا، وَهَذَا الْعَمَل عمل الشَّيَاطِين أَو عمل الْمَلَائِكَة، ورحم الله أمرءًا فعل كَذَا وَكَذَا " وَنَحْو هَذِه الْعبارَات. وَمِنْهَا حَال الْعَمَل فِي كَونه مُتَعَلقا لرضا الله أَو سخطه وسببا لانعطاف دَعْوَة الْمَلَائِكَة إِلَيْهِ أَو عَلَيْهِ كَقَوْل الشَّارِع - إِن الله يحب كَذَا وَكَذَا، وَيبغض كَذَا وَكَذَا - وَقَوله ﷺ " إِن الله تَعَالَى وَمَلَائِكَته يصلونَ على ميامن الصُّفُوف " وَقد ذكرنَا سره، وَالله أعلم.

1 / 202