فضغط حسني على جناحي أنفه بأصبعيه متأملا، ولكنه قال: إنه حجة في الجنايات!
فانخفض صوتها قليلا، وهي تقول: يقال إن أتعابه باهظة!
فتنهد بارتياح، وقال: ستجدين تحت أمرك كل ما يلزمك. - لا أدري كيف أشكرك.
فتناول يدها بين يديه وتساءل: عليات، ألم أكن دائما نعم الصديق؟
فأحنت رأسها بالإيجاب. انحدرت من عينيها دمعة، فاستقرت فوق ركبتها. قال: لي عندك رجاء. - ما هو؟
فسكت دقيقة كاملة، ثم قال: ألا تذكري اسمي سواء عند المحامي أم في التحقيق!
فقالت، وهي تجفف عينيها: لا أهمية لذلك فيما أظن؟
فقال وبهجة من الأمل تشيع في نفسه: عين الصواب، فهو لن يقدم فائدة، ولكنه سيضرني كما تعلمين. - لن أفعل ما يضرك. - شكرا، ممكن أن تقولي إنك عرفت سمراء في محلها التجاري. وأنها حاولت أن تنشئ معك علاقة شاذة فرفضت، ومن ثم أرادت أن تنتقم منك إلخ ... إلخ. - هي الحقيقة في جوهرها.
فقبل يدها وقال: توكلي على الله، ولا تحملي للنقود هما.
ولمدة دقائق - عقب ذهابها - شعر بأن الهم قد انجاب عن قلبه، وبأن تيار الحياة يتدفق من قلبه نشيطا مهللا. أنجوت حقا؟ إن أكن نجوت، فلن يمسسني الضر مدى الحياة، ولكن لم تدم تلك الحال طويلا، وئدت بلا إنذار؛ عاد عقله يعمل، ويفرز سمومه المنطقية؛ ما أهمية وعد عليات؟ وما قدرتها على الإفلات من حصار الاستجوابات؟ وهل تجدي شهادتها إن لم تدعم بشاهد عيان مثله كان محور الأحداث ومحركها؟ وهناك أيضا التحريات التي تنشط في كل مكان الآن مثل الذئاب الجائعة! لا .. لا .. لا أمان. عليه أن يهرب في أول فرصة. ثمة وعد سابق بتصوير فيلم لبناني، فليطلب السفر فورا وقبيل أن يذكر اسمه في التحقيق. سيستقر في لبنان إلى الأبد، لا حياة له في هذا البلد.
ناپیژندل شوی مخ