صارت ابتسامتها الشيطانية أكثر ثقة شيئا فشيئا. «لأنه ليس مصنوعا من القماش الذي يمكن أن أضعه أبدا تحت رأس السيد جوري أو رأسي.»
ولم لا؟ «لأنه ... رديء ... الخامة.»
لذا اضطررت أن أذهب إلى مهجعي لأنزع الكيسين عن وسادتيهما وأحضرهما لها، وعندئذ تبين لي أن الكيسين ليسا متطابقين كما بدوا لي من قبل؛ فأحدهما من نسيج فاخر - وكان يخصها - وبذلك اتضح أن الكيس الذي في يدها كان يخصني.
قالت: «لا أصدق أنك لم تلحظي الأمر، ما كان ليلحظه أحد غيرك.» •••
سمع تشيس عن شقة أخرى يمكننا استئجارها - شقة حقيقية وليست «جناحا» - بها حمام كامل وغرفتي نوم. كان أحد رفاقه في العمل على وشك تركها؛ لأنه وزوجته قد ابتاعا منزلا. وكانت الشقة تقع في بناية تطل على ملتقى شارعي فيرست أفينيو وشارع ماكدونالد. لن يمنعني هذا الموقع من أن أذهب إلى العمل سيرا على الأقدام، أما هو فسيستقل الحافلة نفسها التي يستقلها الآن. وإذا جمعنا مرتبينا، فيمكننا أن نتدبر قيمة إيجارها. كان رفيقه وزوجته سيتركان بعض الأثاث وسيبيعانه بثمن بخس؛ فلن يناسب بيتهما الجديد، لكن بالنسبة إلينا كان سيبدو أثاثا على قدر كبير من الفخامة. تجولنا في غرف الشقة الجميلة التي تقع في الطابق الثالث، وأعجبتنا جدرانها المطلية باللون الأصفر الباهت، والأرضيات الباركيه من خشب البلوط، وخزانات الأواني الفسيحة الموجودة في المطبخ، وأرضية الحمام المبلطة بالقرميد. وكانت هناك أيضا شرفة صغيرة تطل على أشجار منتزه ماكدونالد. حينئذ، وقع كل منا في حب الآخر بشكل جديد، وقعنا في حب وضعنا الجديد، حيث ارتقاؤنا إلى حياة البالغين صاعدين من القبو الذي لم يكن إلا محطة مؤقتة في طريق حياتنا. وصرنا نأتي على ذكره كمزحة، كاختبار لقوة تحملنا لما سنشهده خلال السنوات القادمة. فكل خطوة خطوناها - المنزل المستأجر، أول منزل امتلكناه، ثاني منزل امتلكناه، أول منزل امتلكناه في مدينة أخرى - كانت تمنحنا شعورا بالتقدم يملؤنا سعادة، فتقوي صلتنا وتوثق رباطنا. وذلك حتى آخر البيوت - وأكبرها حتى الآن - التي دخلتها؛ إذ كان لدي هاجس بوقوع كارثة وشيكة ورغبة في الهرب.
أخبرنا راي بشأن رحيلنا المزمع دون أن نخبر السيدة جوري؛ مما تسبب في زيادة عدائها تجاهنا، بل إنها كادت تفقد عقلها. «يا إلهي! تظن نفسها بارعة وهي لا تستطيع الحفاظ على نظافة حجرتين، وعندما تنظف الأرضية لا تفعل شيئا سوى جر القاذورات إلى أحد الأركان.»
عندما اشتريت مقشتي الأولى، نسيت أن أشتري جاروفا وفعلت ما تحدثت عنه بعض الوقت، لكنها ما كانت لتعرف هذا إلا بدخول غرفتينا بمفتاحها الخاص، ونحن في الخارج، وهو ما اتضح أنه حدث بالفعل. «إنها جبانة تتسلل كاللصوص. عرفت هذا منذ رأيتها لأول مرة. وكاذبة أيضا، ومختلة عقليا؛ فقد كانت تجلس متظاهرة بأنها تكتب الخطابات، لكنها كانت تكتب الكلام نفسه مرارا وتكرارا؛ لم تكتب خطابات، بل تخط نفس الكلام مرة تلو الأخرى. مختلة.»
تأكدت الآن أنها كانت تأخذ الأوراق المتكمشة من سلة قمامتي؛ فعادة ما كنت أحاول أن أبدأ القصة نفسها بنفس الكلمات مرارا وتكرارا، كما قالت.
أضحى الطقس دافئا، وصرت أذهب إلى العمل دون سترتي الثقيلة. وذات مرة، ارتديت سترة ضيقة ووضعت أطرافها في تنورتي، وحزاما محكما علي عند أضيق ثقوبه.
وحينها فتحت السيدة جوري الباب الأمامي وصاحت تجاهي. «الساقطة. انظروا إلى الساقطة، إنها تبرز صدرها إلى الأمام، وتتمايل بمؤخرتها. أتظنين نفسك مارلين مونرو؟»
ناپیژندل شوی مخ