ينادي أبي ابن ابن أخيه باسم ابن أخيه؛ إنه يفعل هذا مع الجميع. ويسمي جميع محال ومتاجر البلدة بأسماء مالكيها السابقين أو ربما من كانوا يملكونها قبلهم. يعدو هذا كونه مجرد إخفاق بسيط في الذاكرة، فهو أقرب للغطرسة؛ إذ إنه يضع نفسه في مكانة من لا يحتاج لأن يصحح الأمور، أو يلاحظ التغيرات، أو الأشخاص.
سألته أي الألوان أطلي به جدران حجرة الانتظار: أخضر فاتح أم أصفر فاتح؟ فسألني عمن سيطليها. «سأطليها بنفسي.» «لم أعهدك يوما تجيدين الطلاء.» «لقد طليت من قبل أماكن عشت فيها.» «ربما ما تقولينه صحيح، لكنني لم أر مجهودك فيها. وماذا ستفعلين بمرضاي وأنت تطلين الغرفة؟» «سوف أطليها يوم الأحد.» «لن يهتم بعضهم عند معرفة أن الجدران ستطلى.» «هل تمزح؟ في هذه الأيام وفي هذا العصر الذي نعيش فيه؟» «قد لا تكون الأيام والعصر اللذين في مخيلتك. ليس في هذا المكان.»
حينها قلت إنني أستطيع أن أقوم بهذه المهمة ليلا، فأجابني بأن الرائحة ستظل حتى اليوم التالي وستصيب كثيرا من المرضى بالغثيان. وهكذا لم أستطع أن أفعل شيئا، في النهاية، سوى أن أتخلص من أعداد مجلة ريدرز دايجستس، وأستبدل بها أعدادا من مجلات ماكلينز وشاتيلين وتايم وساترداي نايت. ثم قال إن المرضى يشكون؛ إذ يفتقدون قراءة النكات التي يتذكرونها في مجلة ريدرز دايجستس، وبعضهم لا يحب الكتاب الجدد من أمثال بيير بيرتون.
قلت وأنا عاجزة عن التصديق حتى إن صوتي ارتجف: «إنه لأمر سيئ.»
بعد ذلك، صببت تركيزي على خزانة حفظ الملفات الموجودة في غرفة الطعام؛ فقد ظننت أنها - على الأرجح - مليئة بملفات المرضى الذين ماتوا منذ زمن بعيد، وأنني إذا ما استطعت التخلص من هذه الملفات يمكنني حينها ملؤها بملفات أخرى من الصناديق، ثم أنقل الخزانة إلى العيادة؛ حيث مكانها الأصلي.
وحين رأت السيدة بي ما أفعله، ذهبت لتحضر أبي دون أن تخاطبني بكلمة.
فقال: «من قال لك إنك تستطيعين العبث كما يحلو لك في هذا المكان؟ لم أقل هذا.» •••
آر، في الأيام التي كنت فيها موجودا هنا، لم تكن السيدة بي في المنزل؛ إذ رحلت للاحتفال بعيد الميلاد مع أسرتها (لديها زوج قضى نصف حياته مريضا بانتفاخ الرئة، ولم يكن لديها أبناء، بل قطيع من أبناء وبنات الإخوة والأخوات، إلى جانب معارفها). لا أظن أنك رأيتها قط، لكنها رأتك. بالأمس قالت لي: «أين ذلك السيد الذي كان من المفترض أن يعقد خطبته عليك؟» لقد رأتني، بالطبع، لا أرتدي خاتمي.
قلت: «أتوقع أن يكون في تورونتو.»
في عيد الميلاد الماضي، كنت أزور ابنة أختي، فرأيناكما تمشيان بمحاذاة ماسورة المياه الرئيسية، فقالت ابنة أختي: «أتساءل، يذهب كلاهما إلى أين؟» إنها تتحدث هكذا بالضبط، بهذا الترتيب العجيب للكلمات، وكلامها لا يبدو طبيعيا إلا بعد أن أدونه. أعتقد أنها كانت تقصد بحديثها أننا كنا متجهين إلى مكان ما لنقيم علاقة، لكن الحقيقة أننا لم نكن نفعل ذلك في هذه الأيام - كما تتذكر - وكنا نتمشى لنبتعد عن المنزل. كلا، بل خرجنا من المنزل كي نستكمل شجارنا الذي كان بوسعنا السيطرة عليه وكبحه فترة طويلة.
ناپیژندل شوی مخ