ذلك اليوم في سبتمبر ظهر الخبر في الصحف.
نصف سطر أخرجته المطابع متآكل الحروف: «خرجت امرأة في إجازة ولم تعد.»
كان اختفاء الناس أمرا طبيعيا، كل يوم تطلع الشمس بمثل ما تطلع الصحف، في الصفحة الداخلية ركن لأخبار الناس، كلمة «الناس» يمكن حذفها أو استبدالها بكلمة أخرى، دون أن يتغير شيء في الكون، الناس، الشعب، الأمة، الجماهير؛ كلمات تعني الكل ولا شيئا في آن واحد.
في الصفحة الأولى كانت هناك صورة ملونة لصاحب الجلالة، بالحجم الطبيعي، وعنوان كبير: «الاحتفال بالعيد الميلادي الملكي.»
فرك الناس عيونهم، زوايا الجفون متآكلة، قلبوا الصفحة وراء الصفحة، تثاءبوا حتى طقطقت عظام الفكين، وظهر الخبر في الصفحة الداخلية، لا يكاد يرى بالعين المجردة: «خرجت امرأة في إجازة ولم تعد.»
لم تكن النساء تخرجن في إجازة، وإن خرجت واحدة فهي تخرج لقضاء حاجة ضرورية، قبل الخروج لا بد من تصريح مكتوب من زوجها، أو مختوم من رئيسها في العمل.
لم يحدث أن خرجت امرأة ولم تعد، كان يمكن للرجل أن يخرج ولا يعود سبع سنين، ومن بعدها يحق للزوجة أن تتحرر منه.
نشط رجال البوليس في البحث عنها، خرجت منشورات وإعلانات في الصحف تطلب العثور عليها حية أو ميتة، ومكافأة سخية من صاحب الجلالة الملك. «ما علاقة صاحب الجلالة باختفاء امرأة من عامة الناس؟!»
كان معروفا أن لا شيء يمكن أن يحدث في العالم دون أمر من صاحب الجلالة، مكتوب أو غير مكتوب، لم يكن جلالته يعرف القراءة والكتابة، وكان ذلك نوعا من الامتياز، فما جدوى القراءة والكتابة ؟! كان الأنبياء لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، فهل يمكن للملك أن يكون أفضل من الأنبياء؟!
وكان هناك أيضا الآلة الكاتبة: وهي تدور بقوة الكهرباء.
ناپیژندل شوی مخ