قضى كل ذي دين فوفى غريمه
وعزة ممطول معنى غريمها
وأخذ من ذلك الوقت يتعشقها ويتغزل بها، يؤلف القصائد في وصفها ومدحها. وقد روت قسيمة الأسلمية قالت: «سارت علينا عزة في جماعة من قومها، فسمعنا بها، فاجتمعت جماعة من نساء الحضر أنا فيهن، فجئناها فرأينا امرأة حلوة حميراء نظيفة، فتضاءلنا لها. ومعنا نسوة كلهن لها عليهن فضل من الجمال والخلق، إلى أن تحدثت ساعة، فإذا هي أبرع الناس وأحلاهم حديثا. فما فارقناها إلا ولها علينا الفضل في أعيننا. وما نرى في الدنيا امرأة تروقها جمالا وحسنا وحلاوة.»
ولم يتزوجها كثير لتلك العادة التي أشرنا إليها، وهي أن العرب كانت تستقبح تزويج بناتها لمن يشبب بهن . وكانت على الرغم من زواجها تلتقي خلسة بكثير، فيطفئ نار شوقه، ويؤلف القصائد يبترد بها من غليل الحب.
روى كثير قال: «حججت سنة من السنين، وحج زوج عزة بها، ولم يعلم أحد منا بصاحبه، فلما كنا ببعض الطريق أمرها زوجها بابتياع سمن لتحضير طعام لأهل رفقته، فجعلت تدور الخيام خيمة خيمة حتى دخلت إلي وهي لا تعلم أنها خيمتي. وعرفته وأخذت منه السمن. وعرف زوجها أنها رأت كثيرا، فأمرها أن تعود إليه وتشتمه، فذهبت وقالت وهي تبكي: يا ابن الزانية. ثم انصرفا.
ووضع كثير قصيدة عن هذا اللقاء قال فيها عن هذا الزوج:
يكلفها الخنزير شتمي وما بها
هواني ولكن للمليك استذلت
وبعض الرواة ينكر على كثير إخلاصه في حبه عزة؛ فقد قال أبو خليفة: كان كثير مدعيا ولم يكن عاشقا، وكان جميل صادق الصبابة والعشق. وروى الأغاني هذه القصة عنه:
ومما وجدناه في أخباره ولم نسمعه من أحد أنه نظر إلى عزة ذات يوم وهي منتقبة تميس في مشيتها، فلم يعرفها كثير فاتبعها، وقال: يا سيدتي قفي حتى أكلمك، فإني لم أر مثلك قط. فمن أنت ويحك؟ قالت ويحك! هل تركت عزة فيك بقية لأحد؟ فقال: بأبي أنت والله لو أن عزة أمة لي لوهبتها لك. قالت: هل لك في المخاللة؟ قال: وكيف لي بذلك؟
ناپیژندل شوی مخ