حصوننا مهددة من داخلها
حصوننا مهددة من داخلها
خپرندوی
مؤسسة الرسالة
د ایډیشن شمېره
الثامنة
د چاپ کال
١٤٠٤ هـ -١٩٨٣ م
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
نفوذ واسع، لا بد أن ينتهىِ إلى أن هناك هيئات منظمة تنظيمًا دقيقًا من وراء هذه الحركات، وأن بين هذه الهيئات قدرًا كبيرًا من التفاهم واتفاق المصالح. وعصابة الهدَّامين تستمد قوتها وخطورتها من هذا التنظيم من ناحية، ومن أنها مجهولة الرأس والحدود والأطراف والأساليب والأعوان من ناحية أُخرى. وهذا التنظيم وهذه السريَّة هما مصدر قوة هذه العصابة التي لا تفترق عن عصابات السطو والِإرهاب في شيء. فهي لا تعتمد في تنفيذ خططها على الإِقناع شأنَ أصحاب الرأي، ولا على الكثرة شأن أصحاب (الديموقراطية) المزعومة، ولكنها تعتمد على العمل في الظلام وعلى البطش بالخصوم والتخلص من المعارضين ومؤازرة الأولياء والأصدقاء وتمكينهم من مقاليد السلطة. وهم يسلكون لذلك كل سبيل، ويستغلون فيه كل وسيلة، وعلى رأس هذه الوسائل الصحافة والإِذاعة والمنابر ودور النشر وشراء الذمم والتهديد بالفضائح.
ومن هذه الأساليب التي لا تحصى أسلوب مشهور معروف لم يعد يخفى على بَصير، يُلقي أعضاء هذه العصابة شباكهم حول أصحاب النفوذ والسلطان ويدخلون إليهم من أقرب الأبواب إلى قلوبهم وأضعف الثغرات في نفوسهم، ثم يتظاهرون بالتفاني في حبهم والِإخلاص في خدمتهم، فيلازمونهم ملازمة الظل، لا يغادرونهم طرفة عين، ويراقبون منهم الِإشارة والبادرة، مراقبة الكلب الأمين لصاحبه، حتى يصبح التابع منهم لازمة من لوازم سيده ووهمًا مسلطًا عليه لا يتخيل إمكان الاستغناء عنه، وبمرور الأيام تتحول هذه البطانة إلى سور ضخم شاهق يحجب عن بصر صاحب النفوذ كل شيء عداه، فحيثما وجّه البصر لا يرى إلّا هذا السور، وتصبح هذه الدائرة الضيقة هي دنياه، لا يعرف شيئًا مما يجري وراءها في دنيا الناس. وعند ذلك يصبح صاحب النفوذ في حقيقة أمره سجينًا من حيث لا يدري، لأنه لا يرى إلّا ما يسمحون له برؤيته، ولايسمع إلا مايسمحون له بسماعه وحسبك بهذا سجنًا، ثم ينتهي به الأمر إلى أن يصبح صنمًا. معبودًا كعجل الكفار من الفراعنة، يحبس في الظلام، ولا يَنْتفِع بعبادته وتقديسه إلّا سدنتُه.
وأخطر ما في أمر هذه العصابة أن أفرادها يتمتعون بكل ما في حرب
1 / 11