198

History of Andalusian Literature (Era of the Taifas and Almoravids)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)

خپرندوی

دار الثقافة

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

أصبحت الاستعارة المستمدة من الطبيعة هي " ملكة " الاستعارات في الإنشاء النثري عند ابن خاقان وغيره من الكتاب.
وكأنما كانت هذه المظاهر من صلات بين الشعراء والطبيعة مقدمة لأبي إسحاق ابن خفاجه (٤٥١ - ٥٣٣) شاعر الطبيعة الأول في الأندلس وغيرها، في أدبنا العربي، فقد كانت مهمة هذا الشاعر تكثيف كل تلك المظاهر التي رأيناها موزعة عند الآخرين، فوصف لطلب الصورة، واتخاذ للطبيعة قاعدة للغزل والذكرى، وإجلال للاستعارة المستمدة من الطبيعة محل غيرها من استعارات، ووقوف عند المنظر الطبيعي لرسمه كله جزءا جزءا بغية الرسم.
إلا أن دور ابن خفاجة لم يقف عند هذا الحد إذ زاد في التشخيص وفي الرابطة العاطفية بينه وبين الطبيعة واعتمد وسائل فنية جديدة متصلة بملكات خاصة لديه، ولم يكتف بأن يربط الطبيعة بموضوع الحب ومجلس الخمر، بل ربطها بكل موضوع، وجعلها المتكأ الذي يستند إليه القول الشعري عامة: ربطها بموضوع الرثاء أولًا، ثم بموضوع الفناء والزهد عامة فبعث فيها المعاني الحزينة وتحدث إليها وتحدثت إليه، في صمتها أو حركتها، بمعاني العبرة؟ وإذا صدقنا التقدير نقضنا على أنفسنا القول بأنه شاعر الطبيعة وقلنا إنه كان يرى الطبيعة في إطار الفناء، وضمن إحساسه بالتغير، وحسه الدقيق بالصراع بينه وبين الزمن.
ولكن قبل ان نأخذ في تفسير هذا المظهر الكبير في تاريخ الشعر العربي نعود إلى حقائق أولية ضرورية لفهم شخصية ابن خفاجة وموقفه العام ونظرته إلى الحياة:
أما أولًا: فلا بد من أن يلتفت دارس حياة ابن خفاجة إلى تلك

1 / 204