هند تر غاندي وروسته
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
ژانرونه
وقد أبدى اللاجئون في دلهي - على غرار نظرائهم الذين استقروا في مزارع البنجاب الشرقية - قدرا كبيرا من حسن التدبير والحماسة، ومع مرور الوقت صار لهم «نفوذ غالب في دلهي»؛ إذ سيطروا على تجارتها وأعمالها. وفعلا صارت المدينة التي كانت يوما مغولية، ثم بريطانية، مدينة بنجابية بامتياز عند حلول خمسينيات القرن العشرين.
8
3
مثل دلهي، أحدث التقسيم تحولا في ثقافة مدينة بومباي وجغرافيتها الاجتماعية. إذ بحلول يوليو 1948 كان ثمة 500 ألف لاجئ في المدينة وافدين من السند والبنجاب والمقاطعة الحدودية الشمالية الغربية. فاقم اللاجئون ما كان يمثل أقصى مشكلات بومباي حدة، وهو: نقص المساكن؛ فقرابة مليون شخص صاروا يبيتون في الشارع. أخذت العشوائيات تتنامى بسرعة، وفي الوحدات السكنية المزدحمة، كانت الحجرة يقطنها خمسة عشر أو عشرون شخصا.
9
ذكر أحد الصحفيين أن إجمالي الخسائر التي تكبدها اللاجئون النازحون من السند تتراوح بين 4 و5 مليارات روبية؛ إذ كانوا يمتلكون في موطنهم مساحات كبيرة من الأراضي، وكانوا يسيطرون على الخدمات العامة ويتحكمون في التجارة والأعمال. وبينما صار اللاجئون البنجابيون يمتلكون البنجاب الشرقية التي أمكنهم أن يحققوا فيها «أساسيات الوجود المؤسسي المستقل وسمات الحكومة المستقلة»، لم يكن لدى السنديين أي شيء من ذلك القبيل لإعادة البناء عليه؛
10
فبعضهم توجه إلى الدولة مستجديا أو غاضبا، بينما قرر البعض الآخر الاعتماد على نفسه؛ لذا في بومباي كان «من المألوف رؤية حتى الصبية السنديين يجولون بالأقمشة لبيعها في الطرق الرئيسية بالمدينة؛ فالتجارة تجري في عروقهم مجرى الدم. لهذا لم يتقبل أهل جوجارات ومهاراشترا الغزو السندي؛ فحتى الصبية الصغار من مجاهل السند يستطيعون كسب عيشهم ببيع الحلي الرخيصة في قطارات الضواحي».
11
تضمنت بومباي خمسة مخيمات للاجئين، وكانت حالتها متردية؛ فمخيم كولوادا ضم 10400 شخص يعيشون في الثكنات، وكان متوسط المساحة المتاحة لكل عائلة قرابة 36 قدما مربعة. لم يتوفر بالمخيم كله سوى اثني عشر صنبور مياه، ولم يكن به أطباء ولا كهرباء، وتضمن مدرسة واحدة. أدار المكان رجل يدعى براتاب سينج إدارة دكتاتورية. ففي أبريل 1950 ثار شغب محدود النطاق عندما رفض بعض المستأجرين دفع الإيجار احتجاجا على ظروف معيشتهم، فاستصدر براتاب سينج أمر إخلاء ضدهم، وعندما قاوموا استدعى الشرطة، وقتل شاب في المشاجرة التي أعقبت تلك الأحداث. وقد أطلق الصحفي الذي نقل الواقعة على المقيمين في المخيم لقبا مناسبا هو «النزلاء» (إشارة إلى نزلاء السجن)؛ إذ قال معلقا: «كان النزلاء الآخرون جرذان قبيحة ضخمة بحجم القطط، وبقا وناموسا وثعابين.»
ناپیژندل شوی مخ