باب القول في العلم والفقه
أما العلم فَمن قولك: علمتُ الشيءَ وعَلِمْتُ به، وهو عِرْفانُكَهُ على ما بِهِ، يُقال: عَلِمْتُه عِلْمًا. وقد يكون اشتقاقُه مِن العَلَم والعَلامة، وذلك أنَّ العلامةَ أَمارةٌ يُمَيَّزُ بها الشيءُ عن غيرِه، وكذلك العِلمُ ممّا يتَمَيَّزُ به صاحبُه عن غيره، وممَّا يدُلُّك على هذا التَّاويلِ قولُه تعالى: (وإنه لعِلمٌ للسّاعةِ). أي: نُزولُ عيسى بن مريم، ﵉، على أُمَّةِ محمدٍ ﵇، به يُعرفُ قُرْبُ الساعة. وناسٌ يقرؤونَها: (وإنه لَعَلَمٌ للسَّاعة) أي: أمارةٌ ودَلالةٌ.
وأما الفقه، فَقِهْتُ الشيءَ: إذا أدْرَكْتَه، وإدْراكُكَ عِلْمَ الشيءِ فِقْهٌ، إلاَّ أنَّ الاخْتِصاصَ في إطلاقِ الفقهِ إنما هو لمعرفةِ الحلال والحرام والقضاءِ بتأويلِ الأحْكامِ، وذلك كَقَولِنا للقَصْدِ حَجٌّ، وإذا أطْلَقْنا الحَجَّ لم نَعْنِ به إلاَّ قَصْدَ البيتِ الحرام، قال الله تعالى: (قد فَصَّلْنا الآيات لقوم يفقهون)، تقول منه: فَقِهَ الشيءَ، يَفْقَهُه، وهو فَقِيهٌ.
1 / 23