إلى جوار الملك الجليل؛ فأجاب طلبه من غير إمهال، وذلك في يوم الأحد بعد العصر تاسع شعبان سنة إحدى وتسعين ومائتين والف من هجرة سيد ذوي الكمال، وصلي عليه في المسجد الحرام، ودفن في تربة المعلا عليه رحمة الملك السلام، وبنى بعض المحبين مزارًا واسعًا عليه، وهو في أول المعلا على يمين الذاهب إليه.
وقد رثاه بعض مريديه بقصيدة أولها:
ذروني أبكي بعد شيخي ومرشدي ... لأحدث عهدًا في بقية معهدي
وما شاقني برق بأبرق رامة ... ولا نغمات من حمام مغرد
بلى شاقني وجه الرشيد الذي به ... تشعشع نور الحق في كل مشهد
إذا ما رأت عيناك بهجة نوره ... رأت بدر تم في منازل أسعد
وإن لثمت يمناك يمناه فالتزم ... بركن سوى ركن من البيت أسود
سما بشعار الصالحين وهديهم ... وأعلى منار الدين بعد محمد
أمد علينا الله من بركاته ... وأوردنا من بره خير مورد
إذا ما ذكرت الأكرمين فإنه ... هو الكوثر الفياض والعارض الندي
ومهما مدحنا الصالحين فمدحه ... به نختم الذكر الجميل ونبتدي
الشيخ إبراهيم بن الشيخ السيد محمد الميدري البغدادي الشافعي
العالم الذي رقى معراج الفضائل، واستقى من بحر معارفه السادة الأفاضل، وجمع من الفنون ما تفرق عند غيره، وسار بسيرة ذوي السر المصون فلم يلحقه أحد من معاصريه في سيره، له اليد الطولى في المعقول والمنقول، والفكرة القادحة في معرفة الفروع والأصول، وليس من يجاريه في ميدان العلوم الرياضية، ولا من يباريه في الأبحاث الجدلية والعقلية، وله كتاب في المناظرة، قد فاق مزاولة أهل المحاضرة، شرح فيه نظم
1 / 42