256

حليه البشر په تاريخ کې د دريم لسیزې

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر

ایډیټر

محمد بهجة البيطار - من أعضاء مجمع اللغة العربية

خپرندوی

دار صادر

شمېره چاپونه

الثانية

د چاپ کال

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت

أن كان لا يصرف عمره إلا بين ريحان وراح، وأخدان تسعى له بجلب المسرات والأفراح، وقد ركب في فعاله وأقواله هواه، وأعطى نفسه ما تحبه وتهواه، فأضرب عن جميع ما كان عليه صفحًا، ومحا بحسناته سيآته وازداد فلاحًا وربحًا، فصار لا يصرف نقد عمره في غير أنفس الأعمال، ولا يحرك لسانه إلا بذكر أو صلاة على سيد ذوي الكمال، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر بأحسن خطاب، أو حكم بحق على مرتكب خلاف الحق والصواب، ولم يزل يترقى أمره، ويعظم ويسمو قدره، إلى أن سلبته حلاوة الطاعة الإقبال على دنياه، وأفاضت عليه معرفة أن الإنسان هو الذي يعمل لما ينفعه في أخراه، فأهمل النظر في أمور السياسة، وتنبهت عيون ذوي الشقاوة والخساسة، ولم يزل يتفاقم هذا الحال، ويعظم أمر الجهال، إلى أن وقعت فتنة بين الدروز والنصارى في جبل لبنان واشتد بسببها الضرب والطعان، وعاثت طائفة الدروز وفسقوا، وانتظموا في سلك الطغيان واتسقوا، ومنعوا جفون أهل الذمة السنات، وأخذوا البنين والبنات من حجور الأمهات، وخربوا القرايا والبلدان، وسفكوا الدماء وحرقوا العمران، ونهبوا الأموال ومالوا عليهم كل الميل، وبادرت لمساعدتهم والغنيمة معهم دروز الجبل الشرقي تجري على خيولها جري السيل، ولم يروا في ذلك معارضًا ولا منازعًا، ولا مدافعًا ولا ممانعًا، والنصارى بين أيديهم كغنم الذبح، هم وأموالهم وأولادهم وبلادهم غنيمة وربح، ودام هذا الأمر واستقام، إلى ابتداء ذي الحجة الحرام، سنة ست وسبعين بعد الألف والمائتين، وقد هرب كثير من النصارى إلى الشام، ظانين أن الحكومة تحميهم من الدروز

1 / 261