حلم عقل
حلم العقل: تاريخ الفلسفة من عصر اليونان إلى عصر النهضة
ژانرونه
عين زيوس ترى كل شيء وتفهم،
وعندما يريد يرمي ولا تخيب رميته.
ما أعدل المدينة بداخله!
ولكني لن أكون عادلا ولن يكون ابني عادلا،
بين الأشرار لأنه من الشر أن تكون أمينا بين الفجار،
وأفوض أمري إلى زيوس أن يخلصني من العثار.
كانت الثقة بزيوس أساسا واهيا للفضيلة، فكان من الصواب أن أعاد السفسطائيون دراسة مفهوم العدالة المعروف بشكل كامل.
لقد شجع أسلوب السفسطائيين في التعليم التفتح العقلي المتسم بالشك الذي أزعج بعض الناس وأثار السخرية العدائية لدى أرسطوفان. فبممارسة فن الجدال وتدريسه اشتغل السفسطائيون حتما بالبحث في الأسباب التي تدعم القضايا المختلفة أو تدحضها، بما فيها القضايا الأخلاقية والسياسية وحتى الدينية. وحالما استل أتباع المذهب العقلي سيوفهم لم يكن أي معتقد تقليدي غير راسخ في عالم السفسطائيين ليصمد أمامهم، وهذا ما آخى بين السفسطائيين والفلاسفة الطبيعيين الأوائل، رغم أن الفريق الأول تجاهل التأملات غير المجدية للفريق الثاني. وكان كلا الفريقين من أتباع المذهب الطبيعي التشكيكي؛ إذ كانوا يميلون لرفض التفسيرات والمعتقدات الأسطورية التي لم تكن لتلقى قبولا فيما سبق إلا على أساس من عادات أو تقاليد أو دين. لقد نظر علماء الطبيعة بارتياب إلى محاولات تفسير العالم وما يحويه من آلهة، وبدلا من ذلك سعوا إلى الوقوف على أسباب طبيعية لتفسير ظاهرة وجود الأشياء كما تبدو. وكان السفسطائيون يساورهم الشك بالشكل ذاته عن علاقة ذلك بالدين، والذي كان من الصعب مناقشته من الناحية العقلية. وقد قال بروتاجوراس: «فيما يخص الآلهة لا أستطيع أن أعرف إن كانوا موجودين أم لا، ولا أن أعرف هيئتهم؛ لأن العوامل التي تمنع ذلك كثيرة منها غموض الموضوع وقصر الحياة البشرية.» وأراد السفسطائيون معرفة الأسباب التي يمكن الوقوف عليها فيما يتعلق بالقضايا الأخلاقية، واتبعوا في ذلك المذهب الطبيعي.
إن ما كان يسر السفسطائيين من الناحية العقلية دائما ما كان يزعج آخرين، خاصة إذا كان هناك من أهل الجدل العباقرة من يقدم الحجج مثل جورجياس. ولا بد أنه كان من المربك أن تجد أحد تجار السلاح المثقفين مثل جورجياس يقف بعتبة دارك. ولم يكن من الغريب أن يقاوم الناس السفسطائيين بالضحك في مسرحية «الغيوم»، ولا أن يقدم أرسطوفان سقراط بوصفه بطلا سفسطائيا؛ إذ كان سقراط أشهر المجادلين في أثينا. لقد قدم أرسطوفان صورة غير منصفة لسقراط، ولكن أثناء الدفاع عن سقراط قدم أفلاطون صورة غير منصفة كذلك عن السفسطائيين. وبعد تناول السفسطائيين الحقيقيين آن لنا أن نتحدث عن سقراط الحقيقي.
الجزء الثاني
ناپیژندل شوی مخ