لو لم يكن فيها إلا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها
هل راح منها بغير القطن والكفن؟!
كم من ملك تحت التراب! وكم عاهل طواه الثرى طي السجل للكتاب! وكلهم ذهب ولم يترك وراءه أثرا، ولم يخلف بعده ذكرا ولا خبرا، إلا جسدا باليا، وعظاما نخرة، أين كسرى وأين ملكه وسلطانه؟ أين قصره وإيوانه؟ أين حشمه وحوره وغلمانه؟ أين مجده وثراؤه؟ أين عماله ووزراؤه؟ ألم يلحقهم الموت والخراب؟ ألم يصبهم ما أصاب أهل القرون الأولى من الدمار والتباب؟! فيا أصحاب الجدود المفروزة، والأردية المطروزة، والدور المنجدة، والقصور المشيدة، إنكم لن تأمنوا حادثا، ولن تعدموا وارثا، فبادروا بالخير ما أمكن، وأحسنوا الدهر ما أحسن.
نفوس الرجال
رأيت صاحبا لي طويل الصمت، كثير الأناة، لا ينبس ببنت شفة، فقلت: لئن لم تكن نفس هذا الرجل من فضليات النفوس المتشبعة بالخير؛ فهي بلا ريب روح خبيث تمكن من الفساد واحتواه الشر، ومثل تلك النفس كمثل الأحراج المجهولة، يراها الناظر فتلحقه من رؤيتها رهبة وجزع، وقد تكون خالية من كل ما هب ودب، وقد تكون مأوى النمر والدب.
اختيار الأصدقاء
إذا شئت أن تتخذ صديقا، فلا يكن ذلك الذي يقبل عليك والدنيا في إقبال، ويدنو منك ما حامت حولك الآمال، إنما الصديق هو الذي يذكرك في الضيق، أو ينقذك من عدو.
اعلم أن المصائب محك الأصدقاء المخلصين، وبها يعرف الصاحب الصادق من العدو المنافق:
جزى الله الشدائد كل خير
ناپیژندل شوی مخ