============================================================
ولكن هذا الخبر كله لم يرد فى كتابنا هذا، فما معنى هذا ؟
لا معى له غير أن دولتشاه كاذب فى هذه الدعوى؛ وهو إما اخترعها اختراعا ، وإما التبس عليه الأمر بكتاب آخر . ذلك أن دولتشاه وأضرابه من المؤرخين الفرس المتأخرين لا يوثق لهم بنقل ولا رواية، وقد اتعدمت لديهم حاسة الضبط العلمى تماما : فهم يضعون من الأخبار ما يشاؤون، وبخترعون من النوادر ما وسعهم الاختراع، يعيهم على هذا خيال جامح لا يردعه وازع العقل ولا الضبط فى التاريخ.
وهذا الحكم ينطبق على كل ما كتبوه فى التاريخ : من " جهار مقاله" للعروضى السمرقندى، حى " تذكرة الأولياء" للعطار و"نفحات الأنس" لحامى . فيجب ألا نلق بالا اذن للخبر الذى أورده دولتشاه عن كتاب " آداب العرب والفرس" لمسكويه فيما زعم كذبا .
انما المشكلة الحقيقية فى هذا الكتاب هى مشكلة ما ورد فيه . فقد استهله مسكويه بترجمة الحسن بن سهل لكتاب جاويدان خرد" الذى " خلفه أوشهنج الملك وصية على خلفه ، ونقله من اللسان القديم إلى اللسان الفارسى كنجور بن اسفديار، وزير ملك ايران شهر، ونقله إلى العربية الحسن بن سهل، أخو الفضل بن سهل : ذى الرياستين" . وقبل أن تخوض فى هذه المشكلة نحب أن نقف قليلا عند هذه الأسماء .
أما أو شهنج(1)، ويكتب بالفارسية "هوشنك ، وفى بعض الروايات العربية " أوشهنج" ، فيقال فى أكثر الروايات إنه ابن سيامك بن كيومرث، و " أنه ملك الأقاليم وقهر الخلق وعمر الأرض . وهو أول من استخرج الحديد واتخذ منه الأدوات للصناعات، وقدر المياه فى مواضع المنافع، وحض الناس على الزرع والضرع ، ورسم لهم حفر الأنهار وغرس الأشجار، وأمرهم يقتل السباع واتخاذ اللباس والفرش من جلودها ، وذبح البقر والغم والأكل من لحومها .
(1) راجع عنه خصوصا : 1كرستنسن: * الانسان الأول والملك الأول فى تاريخ الايرانين الأسطورى 100124 همهه 56 ذ1e0 56, ت ع1 (2)
مخ ۳۱