ويغمغم بثقة وأسى معا: الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة!
الحكاية رقم «48»
الأب موظف حكومي صغير وذاك أمر - على أي حال - نادر في حارتنا، لذلك ينشأ الابن - صقر الموازيني - محسودا بين أقرانه، ولكنه يقول لي ذات يوم: لو كان أبي صعلوكا ما عرفت الهم أو الغم!
ويتوظف صقر مثل أبيه، وبعد عام من توظيفه يتوفى أبوه موظفا صغيرا فقيرا، لا يورثه إلا أسرة مكونة من أم وعمة وأختين في سن الزواج وكلبة، كما يورثه أيضا تقاليد راسخة تتعلق بالكرامة وتطلعات جامحة نحو الحياة الجميلة.
وأكثرية النساء في حارتنا يرتزقن، أما في أسرة الموازيني وأمثالها فمقضي عليهن بالانتظار، واجترار الأحلام، ومقضي على صقر وحده أن يعمل بمرتب ضئيل ليعول أربع نساء وكلبة.
وتمضي الحياة ثقيلة مغلقة النوافذ، ولا فرجة له إلا المقهى حتى منتصف الليل.
ويجد راحته في الشكوى، فيقول: لن تتزوج أختاي أبدا، فنحن لا نرضى بالصعاليك، وأولاد الناس لا يرضون بنا، ومن ثم فلن يتاح لي الزواج أبدا.
أسرة تعاني الأشواق والحرمان، حتى الأم والعمة لم يجاوزا الخمسين.
وصقر شاب مستقيم رغم حيويته، ذو استعداد شديد للحياة الزوجية ويحن لها حنينا:
بيت صغير وزوجة وأبناء، تلك هي الجنة!
ناپیژندل شوی مخ